كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقد رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ آدم نامَ في جنته (¬١)،
وجنةُ الخلد لا نوم فيها بإجماع المسلمين (¬٢)؛ لأنَّ النومَ وفاة، وقد نطق به القرآن (¬٣)، والوفاةُ تقلُّب حال، ودارُ السَّلام مسلَّمةٌ من تقلُّب الأحوال، والنائمُ ميِّتٌ أو كالميِّت.
قالوا: وقد رُوِي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأمِّ حارثة لما قالت له: يا رسول الله، إنَّ حارثة قُتِلَ معك، فإن كان صار إلى الجنة صبرتُ واحتسبت، وإن كان صار إلى ما سوى ذلك رأيتَ ما أفعل، فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أو جنةٌ واحدةٌ هي؟!، إنما هي جِنانٌ كثيرة" (¬٤).
فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنَّ لله جنَّاتٍ كثيرة؛ فلعلَّ آدم أسكنه الله جنةً من جناته ليست هي جنة الخلد.
---------------
(¬١) لم أقف عليه مرفوعًا.
وورد موقوفًا على بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه السدي في تفسيره، ومن طريقه الطبري (١/ ٥١٣)، وابن منده في "التوحيد" (١/ ٢١٨)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"، وغيرهم.

وفي تفسير السدي نظر، وقد استعظم الإمام أحمد صنيعه في سياق أسانيده، ثم إن في راويه عنه أسباط بن نصر ضعفًا. انظر: "الضعفاء" للعقيلي (١/ ٨٨)، ومنتخب "الإرشاد" للخليلي (٣٩٨). ولم يعبأ بذلك ابن منده، فقال: "هذا إسنادٌ ثابت". وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على "تفسير الطبري" (١/ ١٥٦ - ١٦٠).
وورد مقطوعًا من قول مجاهد، ومحمد بن إسحاق، والسدي، عند الطبري في "التفسير" (١/ ٥١٤، ٧/ ٥١٥)، و"التاريخ" (١/ ١٠٤).
(¬٢) (ق، ح، ن): "من المسلمين".
(¬٣) يشير إلى قوله تعالى في سورة الزمر: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الآية: ٤٢].
(¬٤) أخرجه البخاري (٢٨٠٩، ٣٩٨٢) من حديث أنس.

الصفحة 34