كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قد هَلَكَت جارتُنا من الهَمَجْ ... وإنْ تَجُعْ تَأكُلْ عَتُودًا أو بَذَجْ

والهَمَجُ هنا مصدر، ومعناه: سوء التدبير في أمر المعيشة.
وقولهم: «هَمَجٌ هامِج» مثل: «ليلٌ لايِل» (¬١).
والرَّعاعُ من الناس: الحمقى الذين لا يُعْتَدُّ بهم.
* وقولُه: «أتباع كلِّ ناعق»؛ أي: مَنْ صاحَ بهم ودعاهم تبعوه، سواءٌ دعاهم إلى هدى أو إلى ضلال، فإنهم لا علم لهم بالذي يُدْعَونَ إليه أحقٌّ هو أم باطل، فهم مستجيبون لدعوته.
وهؤلاء مِنْ أضرِّ الخلق (¬٢) على الأديان؛ فإنهم الأكثرون عَدَدًا، الأقلُّون عند الله قَدْرًا، وهم حطبُ كلِّ فتنة، بهم تُوقَدُ ويُشَبُّ ضِرَامُها؛ فإنها يعتزلُها أولو الدين، ويتولَّاها الهَمَجُ الرَّعاع.
وسُمِّي داعيهم: ناعقًا؛ تشبيهًا لهم بالأنعام التي يَنْعِقُ بها الراعي فتذهبُ معه أين ذهب؛ قال الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٧١].
وهذا الذي وصفهم به أميرُ المؤمنين هو من عدم علمهم وظلمة قلوبهم، فليس لهم نورٌ ولا بصيرةٌ يفرِّقون بها بين الحقِّ الباطل، بل الكلُّ عندهم سواء.
* وقولُه: «يميلون مع كلِّ ريح»، وفي لفظ: «مع كلِّ صائح»؛ شبَّه
---------------
(¬١) أي: على جهة التوكيد أو المبالغة. انظر: «الصحاح» (همج).
(¬٢) (ت): «هم أضر الخلق».

الصفحة 359