كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وفحواه.
ولزكاء العلم ونموِّه (¬١) طريقان:
أحدُهما: تعليمُه.
والثاني: العملُ به؛ فإنَّ العملَ به أيضًا ينمِّيه ويكثِّره، ويفتحُ لصاحبه أبوابَه وخباياه، وهذا لأنَّ تعليمَه والعملَ به هو التجارة فيه، فكما ينمو المالُ بالتجارة فيه كذلك العلم.
وقولُه: «والمالُ تَنْقُصُه النفقة» لا ينافي قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «ما نقَصت صدقةٌ من مال» (¬٢)؛ فإنَّ المالَ إذا تصدَّقتَ منه وأنفقتَ ذهبَ ذلك القَدْرُ وخَلَفَه غيرُه، وأمَّا العلمُ فكالقَبس من النار لو اقتبس منها العالَمُ (¬٣) لم يذهب منها شيء، بل يزيدُ العلمُ بالاقتباس منه، فهو كالعَيْن التي كلَّما أُخِذَ منها قويَ ينبوعُها وجاش مَعِينُها.
وفضلُ العلم على المال يُعْلَمُ من وجوه:
أحدها: أنَّ العلمَ ميراثُ الأنبياء، والمالُ ميراثُ الملوك والأغنياء.
الثاني: أنَّ العلمَ يحرسُ صاحبَه، وصاحبُ المال يحرسُ مالَه.
والثالث: أنَّ المالَ تُذْهِبُه النفقات، والعلمُ يزكو على النفقة.
---------------
(¬١) في الأصول: «ونحوه». تحريف. وانظر: «طريق الهجرتين» (٨٠٢، ٨٠٥)، و «إغاثة اللهفان» (١/ ٤٦).
(¬٢) أخرجه مسلم (٢٥٨٨) من حديث أبي هريرة.
(¬٣) (ح): «أهل الأرض». وفي طرَّتها: «في الأصل: أهل العلم». وفي (ن): «أهل العلم». وفي طرَّتها: «لعله أهل الأرض».