كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الوجه الحادي والثلاثون بعد المئة: أنه لو لم يكن من فوائد العلم إلا أنه يُثْمِرُ اليقينَ الذي هو أعظمُ حياة القلب، وبه طمأنينتُه وقوَّتُه ونشاطُه وسائرُ لوازم الحياة لكفاه شرفًا وفضلًا (¬١).
ولهذا مدح الله سبحانه أهلَه في كتابه، وأثنى عليهم بقوله: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: ٤]، وقوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [البقرة: ١١٨] (¬٢)، وقوله في حقِّ خليله إبراهيم: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: ٧٥]، وذَمَّ من لا يقين عنده، فقال: {إنَّ (¬٣) النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل: ٨٢].
وفي الحديث المرفوع من حديث سفيان الثوري، عن سليمان التيمي (¬٤)، عن خيثمة، عن عبد الله بن مسعود يرفعُه: «لا تُرضِينَّ أحدًا بسخط الله، ولا تَحْمَدَنَّ أحدًا على فضله، ولا تَذُمَّنَّ أحدًا على ما لم يُؤْتِك الله؛ فإنَّ رزقَ الله لا يسوقُه [إليك] حرصُ حريص، ولا يردُّه عنك كراهيةُ كارِه، وإنَّ الله بعدله وقسطه جعل الرَّوْحَ والراحةَ والفرحَ في الرضا واليقين،
---------------
(¬١) الجوابُ مستدركٌ في طرة (د)، وليس في باقي الأصول.
(¬٢) في الأصول: (كذلك نفصل الآيات لقوم يوقنون) وهو وهم؛ فليس ثم آيةٌ كذلك، وأنا متأثمٌ من إثباتها في المتن. وفي القرآن: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: ٢٨]، {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: ٢٤]، {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٢]. ويصلح للاستشهاد لما أراده المصنف ما أثبتُّه.
(¬٣) كذا قرأ أبو عمرو، وهي قراءة المصنف وأهل الشام لعهده.
(¬٤) كذا في الأصول و «الرسالة القشيرية»، وهي مصدر المصنف. وهو سليمان الأعمش، كما في المصادر التالية.

الصفحة 435