كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
شرفًا، ويرفعُ العبدَ المملوك حتى يُجْلِسَه مجالسَ الملوك، كما ثبت في «الصحيح» (¬١) من حديث الزهري، عن أبي الطفيل، أنَّ نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعُسْفان ــ وكان عمر استعمله على أهل مكة ــ فقال له عمر: من استخلفتَ على أهل الوادي؟ قال: استخلفتُ عليهم ابن أبزى، فقال: ومن ابن أبزى؟ فقال: رجلٌ من موالينا، فقال عمر: استخلفتَ عليهم مولى؟! فقال: إنه قاراءٌ لكتاب الله عالمٌ بالفرائض، فقال عمر: أما إنَّ نبيَّكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «إنَّ الله يرفعُ بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخرين».
قال أبو العالية: كنتُ آتي ابنَ عباس وهو على سريره (¬٢) وحوله قريش، فيأخذُ بيدي فيجلسني معه على السرير، فتَغامَزُ بي (¬٣) قريش، ففَطِنَ لهم ابنُ عباس فقال: كذا هذا العلم، يزيدُ الشريفَ شرفًا ويُجْلِسُ المملوكَ على الأسرَّة (¬٤).
وقال إبراهيم الحربي: كان عطاءُ بن أبي رباح عبدًا أسود لامرأةٍ من أهل مكة، وكان أنفُه كأنه باقلَّاة.
قال: وجاء سليمانُ بن عبد الملك أميرُ المؤمنين إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه وهو يصلي، فلمَّا صلى انفتلَ إليهم، فما زالوا يسألونه عن
---------------
(¬١) «صحيح مسلم» (٨١٧).
(¬٢) قال الذهبي في «السير» (٤/ ٢٠٨): «هذا كان سرير دار الإمرَة، لما كان ابنُ عباس متولِّيها لعليٍّ رضي الله عنهما». يعني: إمارة البصرة.
(¬٣) (ت): «فتتغامز». وفي (ن): «فتغامزني».
(¬٤) أخرجه البيهقي في «المدخل» (٣٩٨)، وغيره. وفي (ن): «ويجلس المملوك على أسرة الملوك».