كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وقد تقدَّم ذلك (¬١).
وكذلك يقرنُ بين القلب والبصر (¬٢)، كقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: ١١٠]، وقوله في حقِّ رسوله محمَّد - صلى الله عليه وسلم -: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: ١١]، ثمَّ قال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: ١٧].
وكذلك الأذنُ هي رسولُه المؤدِّي إليه، وكذلك اللسانُ تَرْجُمانُه.
وبالجملة؛ فسائر الأعضاء خَدَمُه وجنودُه، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إنَّ في الجسد مُضغةً إذا صلَحت صلَح لها سائرُ الجسد، وإذا فسَدت فسَد لها سائرُ الجسد، ألا وهي القلب» (¬٣).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «القلبُ مَلِكٌ، والأعضاءُ جنودُه، فإن طابَ المَلِكُ طابت جنودُه، وإذا خَبُثَ المَلِكُ خَبُثَت جنودُه» (¬٤).
وجُعِلَت الرئةُ له كالمِرْوَحة تُروِّحُ عليه دائمًا؛ لأنه أشدُّ الأعضاء حرارةً، بل هو منبعُ الحرارة.
وأما الدِّماغُ ــ وهو المُخُّ ــ، فإنه جُعِل باردًا، واختُلِفَ في حكمة ذلك (¬٥):
---------------
(¬١) (ص: ٢٩٣).
(¬٢) كما تقدم (ص: ٢٩٠).
(¬٣) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير.
(¬٤) أخرجه معمر في «الجامع» (١١/ ٢٢١)، ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (١/ ٣٥٠) بإسنادٍ جيد.
ورُوِيَ مرفوعًا، ولا يصح. انظر: «الكامل» (٢/ ٢١٥).
(¬٥) انظر: «القانون» (٢/ ٦)، و «شرح تشريح القانون» لابن النفيس (١١٤).

الصفحة 553