كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
دارُ الثواب. والدليلُ عليه: أنَّ الألف واللَّام في لفظ "الجنة" لا يفيدُ العموم؛ لأنَّ سُكنى آدمَ جميعَ الجِنان (¬١) مُحال، فلا بدَّ من صرفها إلى المعهود السابق، والجنةُ التي هي المعهودةُ المعلومة بين المسلمين هي دارُ الثواب؛ فوَجَب صرفُ اللَّفظ إليها".
قال: "والقولُ الرابع: أنَّ الكلَّ ممكن، والأدلةُ النقليةُ ضعيفةٌ ومتعارضة؛ فوجبَ التوقُّفُ وتركُ القطع".
قالوا: ونحن لا نقلِّدُ هؤلاء، ولا نعتمدُ على ما حُكِيَ عنهم، والحجةُ الصحيحةُ حَكَمٌ بين المتنازعين.
قالوا: وقد ذكرنا من الأدلَّة على هذا القول ما فيه كفاية.
أمَّا الجوابُ المفصَّل: فنحن نتكلَّم على ما ذكرتم من الحُجَج؛ لينكشفَ وجه الصَّواب، فنقولُ وبالله التوفيق:
أما استدلالُكم بحديث أبي هريرة وحذيفة حين يقولُ الناس لآدم: "استفتِح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم منها إلا خطيئةُ أبيكم؟ " (¬٢)؛ فهذا الحديثُ لا يدلُّ على أنَّ الجنةَ التي طلبوا منه أن يستفتحها لهم هي التي أُخرِجَ منها بعينها؛ فإنَّ الجنة اسمُ جنس، فكلُّ بستانٍ (¬٣) يُسمَّى جنة، كما قال تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم: ١٧]، وقال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ
---------------
(¬١) (د، ح، ن): "سكنى جميع الجنان".
(¬٢) أخرجه مسلم (١٩٥).
(¬٣) (ت، ن، ح): "لكل بستان".