كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

تُبْصِرُونَ} راجعٌ إلى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}.
وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦١ - ٦٢]، فذكر تعالى خلقَ الليل والنَّهار، وأنهما خِلْفَة، أي: يَخْلُفُ أحدُهما الآخرَ لا يجتمعُ معه، ولو اجتمع معه لفاتت المصلحةُ بتعاقُبهما واختلافهما.
وهذا هو المرادُ باختلاف الليل والنَّهار؛ كونُ كلِّ واحدٍ منهما يخلُف الآخرَ لا يجامعُه ولا يحايِثُه (¬١)، بل يغشى أحدُهما صاحبَه فيطلُبه حثيثًا حتى يزيلَه عن سلطانه، ثمَّ يجيء الآخرُ عَقِيبَه فيطلُبه حثيثًا حتى يهزمه ويزيله عن سلطانه، فهما يتطالبان ولا يُدرِكُ أحدُهما صاحبَه.
فصل (¬٢)
ثمَّ تأمَّل بعد ذلك أحوالَ هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول (¬٣)، وما فيها من المصالح والحِكَم؛ إذ لو كان الزَّمانُ كلُّه فصلًا واحدًا لفاتت مصالحُ (¬٤) الفصول الباقية فيه؛ فلو كان صيفًا كلُّه
---------------
(¬١) أي: يداخله ويجامعه. انظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ٢٦٩). مشتقةٌ من «حيث» الدالة على المكان. وفي (ت، ن): «يجانبه».
(¬٢) «الدلائل والاعتبار» (٤)، «توحيد المفضل» (٨٠).
(¬٣) (ر، ض): «ارتفاع الشمس وانحطاطها لإقامة هذه الأزمنة الأربعة من السنة».
(¬٤) (ن): «لفاتت منافع مصالح».

الصفحة 592