كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
عليهما، وفكِّر في دخول أحدهما على الآخر بالتَّدريج والمُهْلَة حتى يبلُغ نهايتَه، ولو دَخَل عليه مفاجأةً لأضرَّ ذلك بالأبدان وأهلكها (¬١) وبالنَّبات، كما لو خرَج الرَّجلُ من حمَّامٍ مُفْرط الحرارة إلى مكانٍ مُفْرطٍ في البُرودة. ولولا العنايةُ والحكمةُ والرَّحمةُ والإحسانُ لما كان ذلك.
فإن قلتَ: هذا التَّدريجُ والمُهْلةُ إنما كان لإبطاء سَيْر الشمس في ارتفاعها وانخفاضها.
قيل لك: فما السَّببُ في ذلك الإبطاء في الانخفاض (¬٢) والارتفاع؟
فإن قلتَ: السَّببُ في ذلك بُعْدُ المسافة من مشارقها ومغاربها.
قيل لك: فما السَّببُ في بُعْدِ المسافة؟ (¬٣).
ولا تزالُ المسألةُ متوجِّهةً عليكَ كلَّما عيَّنتَ سببًا (¬٤)، حتى تُفضِي بك إلى أحد أمرين:
إمَّا مكابرةٌ ظاهرة، ودعوى أنَّ ذلك اتفاقٌ من غير مدبِّرٍ ولا صانع.
وإمَّا الاعترافُ بربِّ العالمين، والإقرارُ بقيُّوم السَّموات والأرضين، والدُّخولُ في زُمرة أولي العقل من العالمين.
---------------
(¬١) (ق، ت، د): «وأهلها». (ض): «وأسقمها».
(¬٢) (ن): «الإبطاء والانخفاض والارتفاع».
(¬٣) في طرَّة (د، ق) هنا التعليقُ التالي: «ولا يمكنه أيضًا أن يقول: بُعْدُ المسافة؛ لأن القمر يقطعها في شهر، والشمس تقطعها في سنة؛ لهذه الحكمة البينة الإلهية». وليس من كلام المصنف؛ وأدخله ناشر (ط) في المتن. ولم يرد في (ر، ض).
(¬٤) (ق، ت): «شيئًا». (ض): «فلا تزال هذه المسألة ترقى معه الى حيث رقي من هذا القول».