كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فسبحان من سخَّرها وأنشأها على تقديرٍ مُحْكَمٍ عجيب، اجتمع فيه الاستمتاعُ والانتفاع والسَّلامةُ من الضرر.
قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧١ - ٧٤].
فسبحان ربِّنا العظيم، لقد تعرَّف إلينا بآياته، وشَفانا ببيِّناته، وأغنانا بها (¬١) عن دلالات العالمين.
فأخبَر سبحانه أنه جعَلها تذكرةً تذكِّرنا بنار الآخرة، فنستجيرُه منها ونهرُب إليه منها، ومتاعًا للمُقْوِين؛ وهم المسافرون النَّازلون بالقَوَاء (¬٢) والقَيِّ ــ وهي الأرض الخالية ــ، وهم أحوجُ إلى الانتفاع بالنَّار، للإضاءة والطَّبخ والخَبْز والتَّدفِّي (¬٣) والأُنس وغير ذلك (¬٤).
فصل (¬٥)
ثمَّ تأمَّل حكمتَه تعالى في كونه خَصَّ بها (¬٦) الإنسانَ دونَ غيره من
---------------
(¬١) (ح): «وأغنانا بدلالتها بها».
(¬٢) (ق، ت): «بالقوى». (ح): «بالفيافي». (ن): «بالقرا». تحريف.
(¬٣) (ق، ت): «والدفى».
(¬٤) انظر: «شفاء العليل» (٦٤٨) وفي مطبوعته تحريفٌ يصحَّح من هنا، و «طريق الهجرتين» (٢٩٩)، و «بدائع الفوائد» (١٥٥٦).
(¬٥) «الدلائل والاعتبار» (١١)، «توحيد المفضل» (٩٤).
(¬٦) أي: النار.

الصفحة 613