كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وهو الحاملُ لهذه الروائح على اختلافها، ينقلُها من موضعٍ إلى موضع، فتأتي العبدَ الرائحةُ من حيثُ تهبُّ الريح، وكذلك يأتيه الصوت (¬١).
وهو ــ أيضًا ــ الحاملُ (¬٢) للحرِّ والبرد اللذَيْن بهما صلاحُ الحيوان والنَّبات.
وتأمَّل منفعةَ الريح وما يجري له في البرِّ والبحر، وما هُيِّئت (¬٣) له من الرحمة والعذاب.
وتأمَّل كم سُخِّر للسَّحاب من ريحٍ حتى أَمطَر (¬٤)؛ فسُخِّرت له المثيرةُ أوَّلًا (¬٥)، فتُثِيرُه بين السَّماء والأرض، ثمَّ سُخِّرت له الحاملةُ التي تحملُه على مَتْنها كالجمَل الذي يحملُ الرَّاوية، ثمَّ سُخِّرت له المؤلِّفة، فتؤلِّفُه (¬٦) بين كِسَفِه وقِطَعِه حتى يجتمعَ بعضُها إلى بعضٍ فتصير (¬٧) طبقًا واحدًا، ثمَّ سُخِّرت له اللاقحةُ بمنزلة الذَّكر الذي يَلْقَحُ الأنثى، فتَلْقَحه بالماء ولولاها لكان جَهَامًا لا ماء فيه (¬٨)، ثمَّ سُخِّرت له المُزْجِيَةُ التي تُزْجِيه وتَسُوقُه إلى
---------------
(¬١) (ح، ن): «تأتيه الأصوات».
(¬٢) (ر، ض): «القابل».
(¬٣) (ت): «هيأن».
(¬٤) (ت): «أمطرت».
(¬٥) المثيرة، والحاملة، والمؤلِّفة، واللاقحة، والمُزْجِية، والمفرِّقة= من أسماء الرياح بحسب وظائفها.
(¬٦) كذا في الأصول، بإثبات الهاء.
(¬٧) مهملة في (د). وفي (ح، ن): «فيصير».
(¬٨) الجَهَام: السحاب الذي لا ماء فيه. «اللسان».

الصفحة 616