كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
فصل (¬١)
ثمَّ تأمَّل خَلْقَ الأرض على ما هي عليه، حين خُلِقَت واقفةً ساكنةً (¬٢) لتكونَ مِهادًا ومستقرًّا للحيوان والنَّبات والأمتعة، ويتمكَّنَ الحيوانُ والنَّاسُ من السَّعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحاتهم، والنوم لهدوئهم، والتمكُّن من أعمالهم، ولو كانت رَجْراجَةً متكفِّئةً (¬٣) لم يستطيعوا على ظَهْرِها قرارًا ولا هدوءًا، ولا ثَبَتَ لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعةٌ ولا تجارةٌ ولا حِراثةٌ ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنَّون (¬٤) بالعيش والأرضُ تَرتَجُّ (¬٥) من تحتهم؟!
واعْتَبِر ذلك بما يصيبُهم من الزَّلازل، على قلَّة مكثها، كيف تصيِّرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها.
وقد نبَّه الله تعالى على ذلك بقوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: ١٥]، وقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا} [غافر: ٦٤]، وقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مِهَادًا (¬٦)} [طه: ٥٣، الزخرف: ١٠]،
---------------
(¬١) «الدلائل والاعتبار» (١٣)، «توحيد المفضل» (٩١).
(¬٢) (ض): «راتبة راكنة». (ر): «راتبة راكدة».
(¬٣) (ق، ر، ض): «منكفئة». والمثبت من باقي الأصول و «بحار الأنوار» (٣/ ١٢١، ٥٧/ ٨٧). والتكفُّؤ: التمايل. «اللسان» (كفأ).
(¬٤) (ن): «يهنأون». (ق، د): «يتهنؤون». والمثبت من (ت، ح، ض).
(¬٥) (ت): «ترتج بهم».
(¬٦) أصلحها ناسخ (ح) ــ وتابعته المطبوعات ــ إلى: «مهدا». وإنما قدَّم المصنفُ قراءة «مهادا» لأنها قراءة أبي عمرو، وهي قراءته وقراءة أهل الشام لعصره.