كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

بغايةٍ (¬١) من اللُّطف والحكمة التي لا اقتراحَ لجميع عقول الحكماء فوقها فأنزله ومعه رحمتُه على الأرض.
فصل (¬٢)
ثمَّ تأمَّل الحكمةَ البالغةَ في إنزاله بقَدْر الحاجة، حتى إذا أخذت الأرضُ حاجتَها منه، وكان تتابعُه عليها بعد ذلك يضرُّها= أقلَع عنها وأعقَبه بالصَّحو، فهما ــ أعني الصَّحوَ والغَيم ــ يَعْتَقِبان (¬٣) على العالم لما فيه صلاحُه، ولو دام أحدُهما كان فيه فسادُه.
فلو توالت الأمطارُ لأهلكت ما على الأرض، ولو زادت على الحاجة أفسدت الحبوبَ والثِّمار، وعفَّنت الزروعَ والخضروات، وأرخَت الأبدان (¬٤)، وخثَّرت (¬٥) الهواء، فحدثَت ضروبٌ من الأمراض، وفَسَد أكثرُ المآكل، وتقطَّعت المسالكُ والسُّبل.
ولو دام الصَّحوُ لجفَّت الأبدان، وغِيض الماءُ، وانقطع مَعِينُ العيون والآبار والأنهار والأودية، وعَظُمَ الضرر، واحْتَدَم الهواء (¬٦)، فيَبِسَ ما على الأرض، وجفَّت الأبدان، وغَلَب اليُبْس، فأحدثَ ذلك ضُروبًا من الأمراض
---------------
(¬١) في الأصول: «بعناية». تحريف.
(¬٢) «الدلائل والاعتبار» (١٨)، «توحيد المفضل» (٩٤ - ٩٥).
(¬٣) (ح): «معتقبان». (ن): «متعاقبان». (ض): «يتعاقبان».
(¬٤) (ر، ض): «واسترخت أبدان الحيوان».
(¬٥) جعلته خاثرًا، لتشبعه بالرطوبة. (ح، ن): «وحرت». (ض): «وحصر». وفي «البحار» (٣/ ١٢٥، ٥٦/ ٣٨٥): «وخصر». خَصِر: اشتدَّ بردُه.
(¬٦) اشتدت حرارته.

الصفحة 639