كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
الشجرةُ من ورقها فَسَدَت الثَّمرةُ ولم يُنتفَع بها.
وانظر كيف جُعِلَت وقايةً لِمَنبِت الثَّمرة الضعيف (¬١) من اليُبْس، فإذا ذهبَت الثَّمرةُ بقي الورقُ وقايةً لتلك الأفنان الضعيفة من الحرِّ، حتى إذا طَفِئت تلك الجمرةُ ولم يَضُرَّ الأفنانَ عُرْيُها عن ورقها سُلِبَتها (¬٢) لتكتسيَ لباسًا جديدًا أحسنَ منه.
فتبارك الله ربُّ العالمين الذي يعلمُ مَساقِط (¬٣) تلك الأوراق ومَنابِتَها، فلا تخرجُ منها ورقةٌ إلا بإذنه ولا تسقطُ إلا بعلمه، ومع هذا فلو شاهدها العبادُ على كثرتها وتنوُّعها وهي تسبِّحُ بحمد ربها (¬٤) مع الثِّمار والأفنان والأشجار لشاهدوا من جمالها أمرًا آخر، ولرأوا خِلْقَتها بعَيْنٍ أخرى، ولعلموا أنها لشأنٍ عظيمٍ خُلِقَت (¬٥)، وأنها لم تُخْلَق سُدى.
قال تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٦]؛ فالنَّجمُ ما ليس له ساقٌ من النَّبات، والشجرُ ما له ساقٌ (¬٦)، وكلُّها ساجدةٌ لله مسبِّحةٌ بحمده: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: ٤٤].
---------------
(¬١) (ن، ح): «الضعيفة».
(¬٢) (ن، ح): «سلبها».
(¬٣) (ت، ح، ن): «ساقط».
(¬٤) (ت): «بحمد ربها وتقدسه».
(¬٥) كتب فوقها في (د) بخطٍّ دقيق: «أي: للاعتبار».
(¬٦) رُوِي هذا عن ابن عباس، واختاره الطبري (٢٣/ ١٢).