كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

الثالث: دوامُ لباسها وزينتها، فلا يسقطُ عنها صيفًا ولا شتاءً، كذلك المؤمنُ لا يزولُ عنه لباسُ التقوى وزينتُها حتى يُوافي ربَّه تعالى.
الرابع: سهولةُ تناول ثمرتها وتيسيره؛ أمَّا قصيرُها فلا يُحْوِجُ المتناوِلَ أن يَرقاها، وأمَّا باسِقُها فصعودُه سهلٌ بالنسبة إلى صعود الشَّجر الطِّوال وغيرها، فتراها كأنها قد هُيِّئت منها المراقي (¬١) والدَّرَجُ إلى أعلاها؛ وكذلك المؤمنُ خيرُه سهلٌ قريبٌ لمن رام تناوله لا بالعَسِر (¬٢) ولا باللئيم.
الخامس: أنَّ ثمرتها من أنفع ثمار العالم؛ فإنه يؤكلُ فاكهةً رطبةً (¬٣) وحلاوةً يابسة؛ فيكونُ قُوتًا وأُدْمًا وفاكهة، ويُتَّخَذُ منه الخَلُّ والنَّاطِفُ (¬٤) والحلوى، ويدخلُ في الأدوية والأشربة، وعمومُ المنفعة به وبالعنب فوق كلِّ الثِّمار.
وقد اختلف النَّاسُ في أيهما أنفعُ وأفضل؟ وصنَّف الجاحظُ في المحاكمة بينهما مجلَّدًا (¬٥)، فأطال فيه الحِجَاجَ والتفضيل من الجانبين.
وفصلُ النِّزاع في ذلك أنَّ النَّخل في مَعْدِنه ومحلِّ سلطانه أفضلُ من
---------------
(¬١) (ح، ن): «فتراها كأنها منها المراقي».
(¬٢) (ق، ت): «بالغر». (د): «بالغز». وكلاهما خطأ.
(¬٣) (ق): «رطبه فاكهة». وسقطت «رطبة» من (ت).
(¬٤) ضربٌ من الحلوى. انظر: «المعجم الوسيط» (نطف)، وحواشي «الحيوان» (٣/ ٣٧٦)، و «نشوار المحاضرة» (٣/ ٢٧١).
(¬٥) وهو كتاب «الزرع والنخل»، ولم يُعْثَر عليه بعد. واختار فيه تفضيل النخل؛ فعابه بذلك بعض الناس. انظر: رسائله (١/ ٢٣١، ٢٤٠)، و «الحيوان» (١/ ٤)، و «إرشاد الأريب» (٢١١٨).

الصفحة 656