كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
عليها ما بَقِيَت لا تحتاجُ إلى الاستبدال بها، وأُعطِيَت آلةً وأسلحةً تحفظُ بها أنفسَها، كلُّ ذلك لتتمَّ الحكمةُ التي أُريدت بها (¬١) ومنها.
وأمَّا الإنسانُ فإنه ذو حيلةٍ وكفٍّ مهيَّأةٍ للعمل؛ فهي تغزلُ وتنسجُ (¬٢)، ويتَّخذُ لنفسه الكسوةَ ويستبدلُ بها حالًا بعد حال، وله في ذلك صلاحٌ من جهاتٍ عديدة (¬٣):
منها: أن يستريحَ إذا خَلَع كسوتَه إذا شاء ويلبسها إذا شاء، ليس كالمضطرِّ إلى حمل كسوة.
ومنها: أنه يتَّخذُ لنفسه ضروبًا من الكسوة للصَّيف وضروبًا للشتاء؛ فإنَّ كسوة الصَّيف لا تليقُ بالشتاء وكسوةَ الشتاء لا تليقُ بالصَّيف، فيتَّخذُ لنفسه في كلِّ فصلٍ كسوةً تناسبُه (¬٤).
ومنها: أنه يجعلُها تابعةً لشهوته وإرادته.
ومنها: أنه يتلذَّذُ بأنواع الملابس كما يتلذَّذُ بأنواع المَطاعِم، فجُعِلَت كسوتُه متنوِّعةً تابعةً لاختياره كما جُعِلَت مطاعمُه كذلك، فهو يكتسي ما شاء من أنواع الملابس المتَّخَذة من النبات (¬٥) تارةً كالقُطن والكَتَّان، ومن
---------------
(¬١) (ق، ت، د): «لها».
(¬٢) (ض): «فهو يغزل وينسج».
(¬٣) أول تلك الجهات في (ر، ض): «من ذلك: أنه يشتغل بصنعة اللباس عن العبث وما تخرجه إليه الكفاية». وقد وردت هذه الحكمة في مواضع وسياقات أخرى من كتاب «الدلائل»، ولا أدري لِمَ أسقطها ابن القيم من جميعها.
(¬٤) (ن، ح): «كسوة موافقة».
(¬٥) في الأصول: «الثياب». تحريف.