كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

أعطاهم أفضلَ مما منعهم، وهو عهدُه الذي عَهِدَ إليه وإلى بنيه، وأخبر أنه من تمسَّك به منهم صار إلى رضوانه ودار كرامته.
قال تعالى عقب إخراجه منها: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٣٨]، وفي الآية الأخرى قال: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: ١٢٣ - ١٢٦].
فلمَّا كَسَرَه سبحانه بإهباطه من الجنة جَبَرَه وذريتَه بهذا العهد الذي عَهِدَه إليهم، فقال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى}، وهذه هي «إنْ» الشرطية المؤكَّدة بـ «ما» الدالَّة على استغراق الزمان، والمعنى: أيَّ وقتٍ وأيَّ حينٍ أتاكم منِّي هدى.
وجُعِلَ جوابُ هذا الشرط جملةً أخرى شرطية، وهي قولُه: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}، كما تقول: إنْ زرتني فمن بشَّرني بقدومك فهو حُرٌّ.
وجوابُ الشرط يكونُ جملةً تامَّة:
* إمَّا خبرًا محضًا، كقولك: إن زرتني أكرمتُك، أو خبرًا مقرونًا بالشرط كهذا، أو مؤكَّدًا بالقسم، أو بـ «إنْ» واللام، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: ١٢١].

الصفحة 88