كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 1)

وَقَدْ تَقَدَّمَ رَأْيُ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ أَوْ عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِئْجَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ وَالأَْذَانِ وَالإِْمَامَةِ وَغَيْرِهَا. هَذَا حَاصِل مَا أَوْرَدَهُ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (1) .

الْمَطْلَبُ الثَّانِي
ثَانِيًا - الأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ
122 - الأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الَّذِي يَعْمَل لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ، كَالْبَنَّاءِ الَّذِي يَبْنِي لِكُل أَحَدٍ، وَالْمَلاَّحِ الَّذِي يَحْمِل لِكُل أَحَدٍ. وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفَاتِ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا (2) .
123 - وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الأَْجِيرَ الْمُشْتَرَكَ عَقْدُهُ يَقَعُ عَلَى الْعَمَل، وَلاَ تَصِحُّ إِجَارَتُهُ إِلاَّ بِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَل أَوَّلاً. وَلاَ يَمْنَعُ هَذَا مِنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ أَيْضًا. فَإِنْ قَال لِلرَّاعِي: تَرْعَى غَنَمِي مُدَّةَ شَهْرٍ، كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا، إِلاَّ إِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الرَّعْيِ لِغَيْرِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
__________
(1) البدائع 4 / 184، والفروق 3 / 115، والحطاب 1 / 455، والشرح الصغير 4 / 75، والشرواني على التحفة 6 / 155، ومغني المحتاج 7 / 344، والنهاية والشبراملسي 8 / 239، والأحكام السلطانية للماوردي 210، والمغني 7 / 317، 6 / 5 ط الأولى، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 82، وكشف المخدرات ص 284 هذا، وإن الناظر إلى أوضاع الموظفين في الدولة الآن، على اختلاف درجاتهم، يرى أن هذه الأوضاع تتفق مع أحكام الأجير الخاص من حيث الأجر، وتحديد المدة، وعدم جواز الاشتغال بعمل آخر بغير إذن، واستحقاق الأجر بتسليم الموظف نفسه وإن لم يجد
(2) حاشية الدسوقي 4 / 4، والمهذب 1 / 408، وكشاف القناع 4 / 26
124 - وَلاَ مَانِعَ مِنْ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ إِجَارَةً مُشْتَرَكَةً، كَأَنْ يَكُونَ طَبِيبًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ مُعَلِّمًا. فَيُقَدِّمُ عَمَلَهُ لِمَنْ يَطْلُبُهُ مِنْهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يُخْرِجُهُ إِلَى حَدِّ التَّبَعِيَّةِ وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِذْلاَلٌ.
125 - وَالأَْصْل أَنْ يَكُونَ الْعَمَل مِنَ الصَّانِعِ - الأَْجِيرِ - وَالْعَيْنُ مِنْ صَاحِبِ الْعَمَل. غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ جَرَى عَلَى أَنْ يُقَدِّمَ الأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ الْخَيْطَ مِنْ عِنْدِهِ فِي الْخِيَاطَةِ، وَالصِّبْغَ مِنْ عِنْدِهِ فِي الصِّبَاغَةِ، مِمَّا يُعْتَبَرُ تَابِعًا لِلصَّنْعَةِ، وَلاَ يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ عَقْدَ إِجَارَةٍ إِلَى عَقْدِ اسْتِصْنَاعٍ. (1)
126 - وَقَدْ يَتِمُّ الْعَقْدُ مَعَ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالتَّعَاطِي - مَعَ مُرَاعَاةِ خِلاَفِ الشَّافِعِيَّةِ السَّابِقِ فِي عُقُودِ الْمُعَاطَاةِ - كَمَا فِي الرُّكُوبِ فِي سَيَّارَاتِ النَّقْل الْعَامِّ، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ وَاحِدًا، أَوْ جَمَاعَةً كَالْحُكُومَةِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ وَالشَّرِكَاتِ.
127 - وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا مُحَدَّدَةً مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ. وَقَدْ تُحَدَّدُ بِتَحْدِيدِ مَحَلِّهَا، وَيَكُونُ لِلأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي كُل عَمَلٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْمَحَل كَمَا يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَيَكُونُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي إِجَارَةِ الأَْعْيَانِ عُمُومًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (2)
وَقَدْ تُحَدَّدُ الْمَنْفَعَةُ بِتَحْدِيدِ الْمُدَّةِ وَحْدَهَا، كَمَا تُحَدَّدُ بِتَحْدِيدِ الْعَمَل، كَإِجَارَةِ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ
__________
(1) الفتاوى الهندية 4 / 410، 455، 456
(2) شرح الدر 2 / 295، والمهذب 1 / 398، والمغني 6 / 91

الصفحة 295