كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 1)

إِجَازَة
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْجَازَةُ فِي اللُّغَةِ الإِْنْفَاذُ، يُقَال: أَجَازَ الشَّيْءَ: إِذَا أَنْفَذَهُ. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلإِْجَازَةِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
هَذَا وَقَدْ يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ " الإِْجَازَةَ " بِمَعْنَى الإِْعْطَاءِ (2) ، كَمَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الإِْذْنِ بِالإِْفْتَاءِ أَوِ التَّدْرِيسِ. (3)
وَيُطْلِقُ الْمُحَدِّثُونَ وَغَيْرُهُمْ " الإِْجَازَةَ " بِمَعْنَى الإِْذْنِ بِالرِّوَايَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ رِوَايَةَ حَدِيثٍ أَمْ رِوَايَةَ كِتَابٍ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَحْثِ، وَالإِْجَازَةُ بِمَعْنَى الإِْنْفَاذِ لاَ تَكُونُ إِلاَّ لاَحِقَةً لِلتَّصَرُّفِ، بِخِلاَفِ الإِْذْنِ فَلاَ يَكُونُ إِلاَّ سَابِقًا عَلَيْهِ.
وَعَلَى هَذَا فَنُقَسِّمُ الْبَحْثَ عَلَى هَذِهِ الأَْنْوَاعِ الأَْرْبَعَةِ:

أَوَّلاً: الإِْجَازَةُ بِمَعْنَى الإِْنْفَاذِ
أَرْكَانُهَا:
2 - كُل إِجَازَةٍ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيهَا الأُْمُورُ التَّالِيَةُ:
أ - الْمُجَازُ تَصَرُّفُهُ: وَهُوَ مَنْ تَوَلَّى التَّصَرُّفَ بِلاَ وِلاَيَةٍ كَالْفُضُولِيِّ.
__________
(1) انظر لسان العرب: (جوز)
(2) مصنف ابن أبي شيبة 1 / 276 مخطوط + استانبول، وآثار محمد بن الحسن الشيباني ص 149، والمحلى 9 / 157، ومصنف عبد الرزاق 8 / 151
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 14 ط بولاق الأولى.
ب - الْمُجِيزُ: وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ سَوَاءٌ أَكَانَ أَصِيلاً أَمْ وَكِيلاً أَمْ وَلِيًّا أَمْ وَصِيًّا أَمْ قَيِّمًا أَمْ نَاظِرَ وَقْفٍ.
ج - الْمُجَازُ: وَهُوَ التَّصَرُّفُ.
د - الصِّيغَةُ: صِيغَةُ الإِْجَازَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا.
وَقَدِ اصْطَلَحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ كُلَّهَا أَرْكَانٌ وَالْحَنَفِيَّةُ يَقْصُرُونَ إِطْلاَقَ لَفْظِ الرُّكْنِ عَلَى الصِّيغَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا.

أ - الْمُجَازُ تَصَرُّفُهُ:
3 - يُشْتَرَطُ فِي الْمُجَازِ تَصَرُّفُهُ مَا يَلِي:
1 - أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَنْعَقِدُ بِهِ التَّصَرُّفُ كَالْبَالِغِ الْعَاقِل وَالصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي بَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُبَاشِرُ غَيْرَ أَهْلٍ لِعَقْدِ التَّصَرُّفِ أَصْلاً كَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ بَاطِلاً غَيْرَ قَابِلٍ لِلإِْجَازَةِ. (1)
بَقَاءُ الْمُجَازِ تَصَرُّفُهُ حَيًّا لِحِينِ الإِْجَازَةِ:
4 - لِكَيْ تَكُونَ الإِْجَازَةُ صَحِيحَةً وَمُعْتَبَرَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَلاَ بُدَّ مِنْ صُدُورِهَا حَال حَيَاةِ الْمُبَاشِرِ، إِنْ كَانَتْ طَبِيعَةُ التَّصَرُّفِ مِمَّا تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إِلَى الْمُبَاشِرِ فِيمَا لَوْ حُجِبَتْ عَنْهُ الإِْجَازَةُ، كَالشِّرَاءِ وَالاِسْتِئْجَارِ
أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُبَاشِرُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا، وَلاَ تَعُودُ حُقُوقُ التَّصَرُّفِ إِلَيْهِ بِحَالٍ مِنَ الأَْحْوَال، كَالنِّكَاحِ فَلاَ تُشْتَرَطُ فِيهِ حَيَاةُ الْمُبَاشِرِ وَقْتَ الإِْجَازَةِ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ رَجُلاً بِامْرَأَةٍ، ثُمَّ
__________
(1) بدائع الصنائع 9 / 4466 ط الإمام، وجامع الفصولين 1 / 324، ونهاية المحتاج 4 / 343 ط المكتبة الإسلامية، وحاشية الدسوقي 3 / 295 طبع دار الفكر، والمغني 4 / 470 وما بعدها ط المنار الثالثة.

الصفحة 303