كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 1)

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَالْمَأْخُوذُ مِنْ فُرُوعِهِمْ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ وَكَوْنِهَا مَوْقُوفَةً أَوْ نَافِذَةً تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْحَنَابِلَةِ وَرَأْيٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَإِنْ عَادَ إِلَى الإِْسْلاَمِ نَفَذَتْ تَصَرُّفَاتُهُ بِإِجَازَةِ الشَّارِعِ. وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي رَأْيٍ عِنْدَهُمْ أَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ. وَمَبْنَى هَذَا الْخِلاَفِ أَنَّ مَنْ قَال بِنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ قَال: إِنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ وَقَدْ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ مُزِيلٌ لِلْمِلْكِ، وَأَنَّ كُل مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ الْقَتْل. أَمَّا الْوَجْهُ الآْخَرُ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ بِالرِّدَّةِ صَارَ مُهْدَرَ الدَّمِ وَمَالُهُ تَبَعٌ لَهُ، وَيُتَرَيَّثُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ. (1)
آثَارُ الإِْجَازَةِ:
21 - الإِْجَازَةُ يَظْهَرُ أَثَرُهَا مِنْ حِينِ إِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ. وَلِذَا اشْتَهَرَ مِنْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ الإِْجَازَةُ اللاَّحِقَةُ كَالإِْذْنِ السَّابِقِ. (2) وَيُبْنَى عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ التَّطْبِيقَاتِ الْعَمَلِيَّةِ عِنْدَهُمْ، نَذْكُرُ مِنْهَا:
1 - أَنَّ الْمُجِيزَ يُطَالِبُ الْمُبَاشِرَ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الإِْجَازَةِ إِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ بَيْعًا، وَلاَ يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي لأَِنَّ الْمُبَاشِرَ - وَهُوَ الْفُضُولِيُّ - قَدْ صَارَ بِالإِْجَازَةِ وَكِيلاً. (3)
__________
(1) ابن عابدين 3 / 301، والمبسوط 10 / 104، ومنح الجليل 4 / 469، والدسوقي 3 / 3، والأم 6 / 151، وحاشية الجمل 3 / 117 - 119، 4 / 50، ومنتهى الإرادات 2 / 503، والمغني 6 / 476 ط الرياض، 4 / 10 ط المنار، وزوائد الكافي ص 86
(2) حاشية ابن عابدين 4 / 140، وحاشية الدسوقي 3 / 12، والمغني 5 / 249 ط الأولى 5 / 250، وحاشية الجمل 3 / 117
(3) حاشية الدسوقي 3 / 12، وحاشية ابن عابدين 4 / 140
2 - إِذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ مِلْكَ غَيْرِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَالْحَطُّ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَالِكُ الْحَطَّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إِلاَّ أَنَّهُ بِالْحَطِّ بَعْدَ الإِْجَازَةِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ. (1)
3 - إِذَا تَعَدَّدَتْ التَّصَرُّفَاتُ وَأَجَازَ الْمَالِكُ أَحَدَهَا أَجَازَ الْعَقْدَ الَّذِي أَجَازَهُ خَاصَّةً، فَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ أَجَّرَهَا أَوْ رَهَنَهَا وَتَدَاوَلَتْهَا الأَْيْدِي فَأَجَازَ مَالِكُهَا أَحَدَ هَذِهِ الْعُقُودِ، جَازَ الْعَقْدُ الَّذِي أَجَازَهُ خَاصَّةً لِتَوَقُّفِ كُلِّهَا عَلَى الإِْجَازَةِ، فَإِذَا أَجَازَ عَقْدًا مِنْهَا جَازَ ذَلِكَ خَاصَّةً (2) وَلَمْ نَعْثُرْ لِغَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا.

رَفْضُ الإِْجَازَةِ:
22 - يَحِقُّ لِمَنْ لَهُ الإِْجَازَةُ أَنْ يَرُدَّ التَّصَرُّفَ الْمُتَوَقِّفَ عَلَيْهَا، وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَِنَّهُ بِالرَّدِّ أَصْبَحَ التَّصَرُّفُ بَاطِلاً. (3)
الرُّجُوعُ عَنِ الإِْجَازَةِ:
23 - إِذَا أَجَازَ مَنْ لَهُ الإِْجَازَةُ التَّصَرُّفَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الإِْجَازَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَنْ سَمِعَ أَنَّ فُضُولِيًّا بَاعَ مِلْكَهُ فَأَجَازَ وَلَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ الثَّمَنِ، فَلَمَّا عَلِمَ رَدَّ الْبَيْعَ، فَالْبَيْعُ قَدْ لَزِمَ، وَلاَ عِبْرَةَ لِرَدِّهِ لِصَيْرُورَةِ الْبَائِعِ الْمُبَاشِرِ لِلْبَيْعِ - وَهُوَ الْفُضُولِيُّ هُنَا - كَالْوَكِيل (4) .
__________
(1) جامع الفصولين 1 / 315، والبحر الرائق 6 / 161
(2) هكذا في جامع الفصولين 2 / 66 ط الأميرية ولعل هذا من قبيل إنشاء عقد جديد في صورة إجازة.
(3) الفصولين 1 / 324، وحاشية ابن عابدين 4 / 141
(4) حاشية الدسوقي 4 / 13، والمغني 4 / 95

الصفحة 309