كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 2)

مُدَّةُ الْحَيْضِ:
22 - أَقَل مُدَّةِ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَكْثَرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُطْلَقًا دُونَ تَحْدِيدٍ، وَلاَ حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلاَ فِي الشَّرِيعَةِ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَمَا فِي الْقَبْضِ وَالإِْحْرَازِ وَالتَّفَرُّقِ وَأَشْبَاهِهَا. وَقَدْ وُجِدَ حَيْضٌ مُعْتَادٌ يَوْمًا. قَال عَطَاءٌ: رَأَيْتُ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَحِيضُ يَوْمًا وَتَحِيضُ خَمْسَةَ عَشَرَ (1) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ أَقَل الْحَيْضِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا، وَمَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَقَل حَيْضِ الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، فَإِذَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَوْمَانِ وَالأَْكْثَرُ مِنَ الثَّالِثِ، إِقَامَةً لِلأَْكْثَرِ مَقَامَ الْكُل، وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا، وَالزَّائِدُ اسْتِحَاضَةٌ (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ لاَ حَدَّ لأَِقَل الْحَيْضِ بِالزَّمَانِ، وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ غَيْرِ حَامِلٍ تَمَادَى بِهَا نِصْفُ شَهْرٍ، وَأَكْثَرُهُ لِمُعْتَادَةٍ غَيْرِ حَامِلٍ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَلَوْ مَرَّةً ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ زِيَادَةً عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا أَيَّامًا لاَ وُقُوعًا (3) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (حَيْضٌ) .
__________
(1) مغني المحتاج1 / 108، والمغني والشرح الكبير1 / 324، والروض المربع 1 / 34
(2) رواه الدارقطني عن أبي أمامة. وهناك عدة روايات لابن عدي في الكامل والدارقطني والعقيلي وابن الجوزي في العلل المتناهية يرتقي بها الحديث من الضعف إلى درجة الحسن. (فتح القدير1 / 143)
(3) الخرشي 1 / 205، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير1 / 132
مُدَّةُ الطُّهْرِ:
23 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ أَنَّ أَقَل الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَل الْحَيْضِ ثَلاَثَةٌ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَقَل مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (1) مَنْقُولٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَدْ قِيل: أَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ؛ وَلأَِنَّهُ مُدَّةُ اللُّزُومِ، فَكَانَ كَمُدَّةِ الإِْقَامَةِ (2) . وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّهْرَ غَالِبًا لاَ يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ - عَلَى رَأْيِهِمْ - خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَل الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَلاَ حَدَّ لأَِكْثَرِ الطُّهْرِ بِالإِْجْمَاعِ، فَقَدْ لاَ تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي عُمُرِهَا إِلاَّ مَرَّةً، وَقَدْ لاَ تَحِيضُ أَصْلاً.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ أَقَل الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ، طَهُرَتْ عِنْدَ كُل قُرْءٍ وَصَلَّتْ. فَقَال عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ: قُل فِيهَا. فَقَال شُرَيْحٌ: إِنْ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا، مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ، فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ، وَإِلاَّ فَهِيَ كَاذِبَةٌ. فَقَال عَلِيٌّ: قالون " أَيْ جَيِّدٌ، بِالرُّومِيَّةِ. رَوَاهُ الإِْمَامُ أَحْمَدُ
__________
(1) حديث: " أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر، وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما ". أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية وفيه أبو داود النخعي وهو رواه. وروى أوله ببعض اختلاف الطبراني والدارقطني وإسناده ضعيف، وروى نحوه ابن عدي بإسناد واه. (الدراية1 / 841، ومجمع الزوائد1 / 280)
(2) فتح القدير1 / 155

الصفحة 14