كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 2)

أَضَافَ عَقْدَ الْوَكَالَةِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَقَدْ صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِصِحَّةِ ذَلِكَ (1) .
وَمِثَال الثَّانِي: مَا جَاءَ فِي السَّلَمِ، مِنْ إِضَافَةِ الْعَيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهَا إِلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. (2)
وَمِثَال الثَّالِثِ: مَا إِذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} . (3)

مُدَّةُ التَّوْقِيتِ:
10 - وَهِيَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يَسْتَمِرُّ فِيهَا تَنْفِيذُ الاِلْتِزَامِ حَتَّى انْقِضَائِهَا، وَذَلِكَ كَمَا فِي الْعُقُودِ الْمُؤَقَّتَةِ، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، فَإِنَّهَا لاَ تَصِحُّ إِلاَّ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ يَتِمُّ فِي زَمَنٍ، وَبِانْتِهَائِهَا يَنْتَهِي عَقْدُ الإِْجَارَةِ (4) وَمُدَّةُ عَقْدِ الإِْجَارَةِ تُعْتَبَرُ أَجَلاً. مِصْدَاقَ
__________
(1) سيأتي ذلك في العقود المضافة، أن القول بصحة ذلك هو قول الحنفية والمالكية والحنابلة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الإمارة " أميركم زيد، فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبد الله بن رواحة) ، رواه البخاري عن ابن عمر بلفظ " أمر النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد (جمع الفوائد 2 / 136) .
(2) سيأتي بيان ذلك في القسم الحاصل بإضافة العين إلى زمن مستقبل. وحديث: " من أسلف في شيء. . . " رواه الشيخان والأربعة وأحمد (الفتح الكبير 3 / 160) .
(3) سورة البقرة / 282.
(4) سيأتي في القسم الأول من العقود التي لا تصح إلا مؤقتة.
ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {قَال إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَال ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيُّمَا الأَْجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُول وَكِيلٌ} كَمَا أَنَّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ تَجْعَل " التَّأْجِيل تَحْدِيدَ الْوَقْتِ " " وَالتَّوْقِيتَ تَحْدِيدَ الأَْوْقَاتِ، يُقَال: وَقَّتَهُ لِيَوْمِ كَذَا تَوْقِيتًا مِثْل أَجَّل ". (1)

مُدَّةُ التَّنْجِيمِ (2) :
11 - جَاءَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: النَّجْمُ لُغَةً الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمُنَجَّمُ، وَيُقَال: نَجَّمَ الْمَال تَنْجِيمًا إِذَا أَدَّاهُ نُجُومًا (أَقْسَاطًا) ، وَالتَّنْجِيمُ اصْطِلاَحًا هُوَ " التَّأْخِيرُ لأَِجَلٍ مَعْلُومٍ، نَجْمًا أَوْ نَجْمَيْنِ " (3) أَوْ هُوَ " الْمَال الْمُؤَجَّل بِأَجَلَيْنِ فَصَاعِدًا، يَعْلَمُ قِسْطَ كُل نَجْمٍ وَمُدَّتَهُ مِنْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا " (4) فَالتَّنْجِيمُ نَوْعٌ مِنَ الأَْجَل يَرِدُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل فَيُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِهِ عِنْدَ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ يَلِيهِ الْبَعْضُ الآْخَرُ لِزَمَنٍ آخَرَ مَعْلُومٍ يَلِي الزَّمَنَ الأَْوَّل وَهَكَذَا.
وَمِنْ بَيْنِ مَا بَرَزَ فِيهِ التَّنْجِيمُ:
أ - دَيْنُ الْكِتَابَةِ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ تَنْجِيمِ مَال الْكِتَابَةِ. (وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ اتِّفَاقُ السَّيِّدِ
__________
(1) مختار الصحاح " أجل " و " وقت " والقاموس المحيط.
(2) راجع مصطلح تنجيم.
(3) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 346
(4) كشاف القناع 4 / 539

الصفحة 7