كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 2)

تَقْسِيمَاتُ الأَْجَل
بِاعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ
يَنْقَسِمُ الأَْجَل بِاعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: أَجَلٍ شَرْعِيٍّ، وَأَجَلٍ قَضَائِيٍّ، وَأَجَلٍ اتِّفَاقِيٍّ. وَنَتَنَاوَل فِيمَا يَلِي التَّعْرِيفَ بِكُل قِسْمٍ، وَذِكْرَ مَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مِنْ أَنْوَاعٍ. جَاعِلِينَ لِكُل قِسْمٍ فَصْلاً مُسْتَقِلًّا.

الْفَصْل الأَْوَّل
الأَْجَل الشَّرْعِيُّ
الأَْجَل الشَّرْعِيُّ: هُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الشَّرْعُ الْحَكِيمُ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ. وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا النَّوْعِ الآْجَال الآْتِيَةُ:

مُدَّةُ الْحَمْل:
13 - مُدَّةُ الْحَمْل هِيَ الزَّمَنُ الَّذِي يَمْكُثُهُ الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْفِقْهُ الإِْسْلاَمِيُّ أَقَل مُدَّةِ الْحَمْل وَأَكْثَرَهُ، وَقَدِ اسْتُنْبِطَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مِمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الأَْثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الأَْسْوَدِ أَنَّهُ: رُفِعَ إِلَى عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَهَمَّ عُمَرُ بِرَجْمِهَا، فَقَال لَهُ عَلِيٌّ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (1) وَقَال تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} (2) فَحَوْلاَنِ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ ثَلاَثُونَ شَهْرًا، لاَ رَجْمَ عَلَيْهَا. فَخَلَّى عُمَرُ سَبِيلَهَا، وَوَلَدَتْ مَرَّةً
__________
(1) سورة البقرة / 233
(2) سورة الأحقاف / 15
أُخْرَى لِذَلِكَ الْحَدِّ (1) . كَمَا بَيَّنَ الْفِقْهُ الإِْسْلاَمِيُّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل، فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) أَنَّهَا أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ. وَفِي رَأْيٍ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا خَمْسُ سَنَوَاتٍ، وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهَا سَنَتَانِ. وَقَدْ جَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل دَلِيلُهُ الاِسْتِقْرَاءُ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: " جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، امْرَأَةُ صِدْقٍ، وَزَوْجُهَا رَجُل صِدْقٍ، حَمَلَتْ ثَلاَثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، تَحْمِل كُل بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ ". وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِيل إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَمَلَتْ أُمُّهُ بِهِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَفِي صِحَّتِهِ كَمَا قَال ابْنُ شَيْبَةَ نَظَرٌ؛ لأَِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل سَنَتَانِ، فَكَيْفَ يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ؟ " قَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: وَهَذَا مُشْكِلٌ مَعَ كَثْرَةِ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ (2) ".

مُدَّةُ الْهُدْنَةِ (3) :
14 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ مُوَادَعَةُ أَهْل الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، كَمَا وَادَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل مَكَّةَ.
__________
(1) المغني والشرح الكبير 4 / 115، وفتح القدير 4 / 181، غير أنه ذكر أن هذه الحادثة حدثت مع عثمان بن عفان، وأن ابن عباس هو الذي رأى ذلك.
(2) الاختيار 3 / 243، وفتح القدير 7 / 322 و 9 / 360، ورد المحتار 4 / 474، والدسوقي 3 / 407، وبداية المجتهد 2 / 117، ومغني المحتاج 3 /. 39، وكشاف القناع 4 / 463، والمغني مع الشرح 7 / 197.
(3) الهدنة لغة: السكون، وشرعا: العقد على ترك القتال مدة معلومة، وتسمى موادعة. (كشاف القناع 3 / 111. ط. الرياض) .

الصفحة 9