كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 3)
فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ مَعَ الإِْمَامِ، وَرَوَى الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ (1) ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ (2)
وَقْتُ الاِسْتِسْقَاءِ
7 - إِذَا كَانَ الاِسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ يَكُونُ فِي أَيِّ وَقْتٍ،
وَإِذَا كَانَ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ، فَالْكُل مُجْمِعٌ عَلَى مَنْعِ أَدَائِهَا فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا تَجُوزُ فِي أَيِّ وَقْتٍ عَدَا أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. وَالْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ الأَْفْضَل، مَا عَدَا الْمَالِكِيَّةِ فَقَالُوا: وَقْتُهَا مِنْ وَقْتِ الضُّحَى إِلَى الزَّوَال، فَلاَ تُصَلَّى قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْوَقْتِ الأَْفْضَل ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ (3) :
الأَْوَّل: وَوَافَقَهُمْ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْوْلَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (4) : وَقْتُ صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ وَقْتُ صَلاَةِ الْعِيدِ. وَبِهَذَا قَال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإِْسْفَرَايِينِيُّ وَصَاحِبُهُ الْمَحَامِلِيُّ فِي كُتُبِهِ: الْمَجْمُوعُ، وَالتَّجْرِيدُ، وَالْمُقْنِعُ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ. وَقَدْ يُسْتَدَل لَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَتْهُ السُّنَنُ الأَْرْبَعُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ قَال: أَرْسَلَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ - وَكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ - إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنِ اسْتِسْقَاءِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال:
خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلاً مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا، حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى، فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَل فِي الدُّعَاءِ
__________
(1) شرح العناية على الهداية بهامش فتح القدير 1 / 440 ط بولاق.
(2) ابن عابدين 1 / 567
(3) المجموع للنووي 5 / 76 ط المنيرية.
(4) الخرشي 2 / 14
وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدِ (1) .
الثَّانِي: أَوَّل وَقْتِهَا وَقْتُ صَلاَةِ الْعِيدِ، وَتَمْتَدُّ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ. لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ لأَِنَّهَا تُشْبِهُهَا فِي الْوَضْعِ وَالصِّفَةِ، فَكَذَلِكَ فِي الْوَقْتِ، إِلاَّ أَنَّ وَقْتَهَا لاَ يَفُوتُ بِالزَّوَال. (2)
الثَّالِثُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالصَّحِيحِ وَالصَّوَابِ، وَهُوَ الرَّأْيُ الْمَرْجُوحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا (3) : أَنَّهَا لاَ تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، بَل تَجُوزُ فِي كُل وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَصَحَّحَهُ الْمُحَقِّقُونَ. وَمِمَّنْ قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَاسْتَصْوَبَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِأَنَّهَا لاَ تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ كَصَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ، وَرَكْعَتَيِ الإِْحْرَامِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالُوا: إِنَّ تَخْصِيصَهَا بِوَقْتٍ كَصَلاَةِ الْعِيدِ لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ أَصْلاً. وَلأَِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَأَكْثَرَ الأَْصْحَابِ.
وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْخُرُوجُ إِلَيْهَا عِنْدَ زَوَال
__________
(1) فتح القدير 1 / 437. وحديث: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتذلا متواضعا متضرعا. . . " أخرجه أبو داود (عون المعبود 1 / 453 - ط المطبعة الأنصارية) والترمذي (2 / 445 - ط مصطفى الحلبي) وصححه.
(2) وقت صلاة العيد حين ترتفع الشمس قدر رمح أو رمحين. وحديث عائشة: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس. . . . " شطر من الحديث المتقدم فقرة (3) بلفظ " إنكم شكوتم جدب دياركم. . . . . ".
(3) المغني 2 / 286
الصفحة 308