كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 3)
اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا. وَيَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِفَضْل اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ. (1)
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، حِينَ قَال لَهُ الرَّجُل: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكَتِ الأَْمْوَال، وَانْقَطَعَتِ السُّبُل، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُغِيثَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَال:
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. (2)
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: " لِيَكُنْ مِنْ دُعَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدْتَنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، اللَّهُمَّ امْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا، وَإِجَابَتِكَ فِي سُقْيَانَا، وَسِعَةِ رِزْقِنَا، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ أَقْبَل عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَقَرَأَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَتَيْنِ، وَيُكْثِرُ مِنْ الاِسْتِغْفَارِ، وَمِنْ قَوْله تَعَالَى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا} .
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَسْقَى فَكَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ الاِسْتِغْفَارَ، وَقَال: لَقَدِ اسْتَسْقَيْتُ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ.
__________
(1) فتح القدير 1 / 440، والكافي 1 / 322، 323، وحديث: " اللهم اسقنا غياثا معينا هنيئا. . . . " رواه ابن ماجه ورجاله ثقات (نيل الأوطار 4 / 11)
(2) حديث: " اللهم أغثنا. . . " أخرجه البخاري ومسلم (نيل الأوطار 4 / 15)
رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ:
19 - اسْتَحَبَّ الأَْئِمَّةُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ (1) . وَأَنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ. وَفِي حَدِيثٍ لأَِنَسٍ فَرَفَعَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ حَدِيثًا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ.
وَذَكَرَ الأَْئِمَّةُ: أَنَّهُ يَدْعُو سِرًّا وَجَهْرًا، فَإِذَا دَعَا سِرًّا دَعَا النَّاسُ سِرًّا، فَيَكُونُ أَبْلَغُ فِي الْبُعْدِ عَنِ الرِّيَاءِ. وَإِذَا دَعَا جَهْرًا أَمَّنَ النَّاسُ عَلَى دُعَاءِ الإِْمَامِ (2) .
وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بَعْضَ الدُّعَاءِ سِرًّا، وَبَعْضَهُ جَهْرًا، وَيَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ فِي دُعَائِهِ مُتَضَرِّعًا خَاشِعًا مُتَذَلِّلاً تَائِبًا.
الاِسْتِسْقَاءُ بِالصَّالِحِينَ:
20 - اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الاِسْتِسْقَاءِ بِأَقَارِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ عُرِفُوا بِالتَّقْوَى وَالاِسْتِقَامَةِ، لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ وَقَال: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا تَوَسَّلْنَا إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّل بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ (3) .
__________
(1) حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 517 - ط السلفية) .
(2) المجموع للنووي 5 / 79، والطحطاوي ص 359، والمغني 2 / 289، والشرح الصغير 1 / 540
(3) تقدم تخريجه (ف 3)
الصفحة 314