كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 3)
وَيُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ الاِسْتِطَابَةَ عَلَى الاِسْتِنْجَاءِ، وَيَجْعَلُونَ الْكَلِمَتَيْنِ مُتَرَادِفَتَيْنِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: " الاِسْتِطَابَةُ هِيَ: الاِسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ أَوِ الأَْحْجَارِ، سُمِّيَ اسْتِطَابَةً؛ لأَِنَّهُ يُطَيِّبُ جَسَدَهُ بِإِزَالَةِ الْخَبَثِ عَنْهُ ". وَقَدْ وَرَدَتِ اسْتِطَابَةٌ بِمَعْنَى حَلْقِ الْعَانَةِ فِي حَدِيثِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَهُ أَنَّهُ قَال لاِمْرَأَةِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ: " ابْغِنِي حَدِيدَةً أَسْتَطِيبُ بِهَا ".
2 - وَلأَِحْكَامِ الاِسْتِطَابَةِ بِمَعْنَى الاِسْتِنْجَاءِ (ر: اسْتِنْجَاء) . وَلأَِحْكَامِهَا بِمَعْنَى حَلْقِ الْعَانَةِ (ر: اسْتِحْدَاد) .
اسْتِطَاعَةٌ
التَّعْرِيفُ
1 - الاِسْتِطَاعَةُ فِي اللُّغَةِ: الْقُدْرَةُ عَلَى الشَّيْءِ. وَالْقُدْرَةُ: هِيَ صِفَةٌ بِهَا إِنْ شَاءَ فَعَل، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَل. وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَذَلِكَ، فَهُمْ يَقُولُونَ مَثَلاً: الاِسْتِطَاعَةُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَجِّ.
وَإِذَا كَانَتِ الاِسْتِطَاعَةُ وَالْقُدْرَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَجْدُرُ بِنَا أَنْ نُنَوِّهَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ كِلْتَا الْكَلِمَتَيْنِ: (اسْتِطَاعَةٌ، قُدْرَةٌ) . وَأَنَّ الأُْصُولِيِّينَ يَسْتَعْمِلُونَ كَلِمَةَ: (قُدْرَةٌ) . قَال فِي فَوَاتِحِ الرَّحَمُوتِ شَرْحِ مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ: اعْلَمْ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْفِعْل، الْمُسْتَجْمِعَةَ لِجَمِيعِ الشَّرَائِطِ الَّتِي يُوجَدُ الْفِعْل بِهَا، أَوْ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَهَا، تُسَمَّى: (اسْتِطَاعَةً) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الإِْطَاقَةُ
2 - لاَ خِلاَفَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ اسْتِطَاعَةٍ وَإِطَاقَةٍ، إِذْ أَنَّ كُل كَلِمَةٍ مِنْهُمَا تَدُل عَلَى غَايَةِ مَقْدُورِ الْقَادِرِ، وَاسْتِفْرَاغِ وُسْعِهِ فِي الْمَقْدُورِ. إِلاَّ أَنَّ مَا يُفَرِّقهُمَا عَنِ (الْقُدْرَةِ) فِي الاِسْتِعْمَال اللُّغَوِيِّ هُوَ: أَنَّ الْقُدْرَةَ لَيْسَتْ لِغَايَةِ الْمَقْدُورِ، وَلِذَلِكَ يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقَادِرِ وَلاَ يُوصَفُ بِالْمُطِيقِ أَوِ الْمُسْتَطِيعِ.
الاِسْتِطَاعَةُ شَرْطٌ لِلتَّكْلِيفِ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ لِلتَّكْلِيفِ، فَلاَ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِمَا لاَ يُسْتَطَاعُ عَادَةً، دَل عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ نُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَقَال جَل شَأْنُهُ: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ، وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ
الصفحة 330