كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 3)

أَهْلِهِ، وَتَقُومُ مَقَامَهُ الإِْشَارَةُ مِنَ الْعَاجِزِ عَنِ اللَّفْظِ، أَوِ الرِّسَالَةُ، أَوِ السُّكُوتُ، أَوِ التَّعَاطِي، أَوِ الْقَرَائِنُ الْقَوِيَّةُ (1) . وَذَلِكَ مَنْثُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فِي أَبْوَابٍ شَتَّى: كَالطَّلاَقِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْبُيُوعِ، وَمِنْ هُنَا اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ كَعِبَارَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأُْمُورِ.

الإِْرَادَةُ وَالتَّصَرُّفَاتُ:
7 - هُنَاكَ تَصَرُّفَاتٌ لاَ تُنْتِجُ آثَارَهَا إِلاَّ بِمُطَابَقَةِ الْقَبُول لِلإِْيجَابِ، كَالْعُقُودِ، لأَِنَّ الْعَقْدَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَقَدَ طَرَفَيِ الْحَبْل، وَقَدْ شَبَّهَ الْفُقَهَاءُ الْعَقْدَ بِالْحَبْل، لاِحْتِيَاجِهِ إِلَى طَرَفَيْنِ، وَبِالتَّالِي إِلَى إِرَادَتَيْنِ، نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْعَ، وَالإِْجَارَةَ، وَالرَّهْنَ، وَالصُّلْحَ، وَالشَّرِكَةَ، وَالْمُضَارَبَةَ، وَالْمُزَارَعَةَ، وَالنِّكَاحَ، وَالْخُلْعَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَهُنَاكَ تَصَرُّفَاتٌ تُنْتِجُ آثَارَهَا بِالإِْرَادَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ:
النَّوْعُ الأَْوَّل: مَا لاَ تَرِدُ فِيهِ الإِْرَادَةُ بِالرَّدِّ كَالْوَقْفِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا تَرِدُ فِيهِ الإِْرَادَةُ بِالرَّدِّ، كَالإِْقْرَارِ (2) ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ أَيْضًا.
__________
(1) بدائع الصنائع 5 / 135 و270 طبع شركة المطبوعات العلمية بمصر، وحاشية ابن عابدين 4 / 13 طبعة بولاق الأولى، وحاشية الدسوقي 3 / 3 طبع عيسى البابي الحلبي، ونهاية المحتاج 6 / 426 والكافي 2 / 802 الطبعة الأولى، وفتح القدير 5 / 77 طبع بولاق 1316، والأشباه والنظائر لابن نجيم بحاشية الحموي ص 184 وما بعدها طبع دار الطباعة العامرة، والمبسوط 11 / 150
(2) انظر المبسوط 13 / 12 - 13 وانظر المدخل الفقهي للزرقا ف / 183 وما بعدها ومصادر الحق في الفقه الإسلامي للسنهوري 2 / 103 طبع لجنة البيان العربي.
8 - إِنَّ إِرَادَةَ الْعَاقِدَيْنِ تُنْشِئُ الْعَقْدَ، وَالإِْرَادَةُ الْمُنْفَرِدَةُ تُنْشِئُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ الْعَقْدِيَّةِ. أَمَّا أَحْكَامُ الْعُقُودِ، وَآثَارُهَا فَإِنَّهَا مِنْ تَرْتِيبِ الشَّارِعِ لاَ الْعَاقِدِ (1) .
9 - إِذَا وَقَعَ فِي تَصَرُّفٍ مَا الْغَلَطُ أَوِ التَّغْرِيرُ أَوِ التَّدْلِيسُ أَوِ الإِْكْرَاهُ كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ قَابِلاً لِلإِْبْطَال فِي الْجُمْلَةِ، بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ لِمَنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي إِرَادَتِهِ (2) .

إِرَاقَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْرَاقَةُ فِي اللُّغَةِ: الصَّبُّ، يُقَال: أَرَاقَ الْمَاءَ أَيْ صَبَّهُ (3) . وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ كَلِمَةَ " إِرَاقَةٍ " اسْتِعْمَالاَتٍ مُتَعَدِّدَةً، كُلُّهَا تَعُودُ لِمَعْنَى الصَّبِّ، فَيَقُولُونَ: إِرَاقَةُ الْخَمْرِ، وَإِرَاقَةُ الدَّمِ، وَكُلُّهَا بِمَعْنًى.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
أ - إِرَاقَةُ الدَّمِ:
2 - اعْتَبَرَ الشَّارِعُ إِرَاقَةَ دَمِ الأَْنْعَامِ قُرْبَةً بِذَاتِهَا فِي الْهَدْيِ وَالأُْضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ، قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: " وَالذَّبَائِحُ الَّتِي هِيَ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعِبَادَةٌ ثَلاَثَةٌ: الْهَدْيُ وَالأُْضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ (4) ". وَقَال الْمَرْغِينَانِيُّ:
__________
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 123
(2) المبسوط 13 / 12 - 13
(3) المغرب في ترتيب المعرب
(4) زاد المعاد في هدي خير العباد 1 / 245 طبع مصطفى البابي الحلبي سنة 1369

الصفحة 6