كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

التَّشَهُّدَانِ آخِرَهُ، وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ. (1) وَلَمْ نَقِفْ لِلْحَنَابِلَةِ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِيهَا.
وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْفُقَهَاءُ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ لِلاِسْتِعَاذَةِ عِنْدَ الْغُسْل وَالتَّيَمُّمِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ قَبْل الْغُسْل مَنْدُوبٌ، فَيَجْرِي عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الاِسْتِعَاذَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا جَاءَ فِي الْفُرُوعِ لاِبْنِ مُفْلِحٍ: أَنَّ التَّعَوُّذَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُل قُرْبَةٍ (2) فَيَدْخُل فِيهَا هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ.

الاِسْتِعَاذَةُ عِنْدَ دُخُول الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ:
17 - نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى نَدْبِ الاِسْتِعَاذَةِ عِنْدَ دُخُول الْمَسْجِدِ، وَقَدْ وَرَدَتْ صِيغَةُ الاِسْتِعَاذَةِ لِدُخُول الْمَسْجِدِ فِيمَا وَرَدَ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (3) الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللَّهُمَّ صَل وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، ثُمَّ يَقُول: بِاسْمِ اللَّهِ، وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي الدُّخُول، وَيُقَدِّمُ الْيُسْرَى فِي الْخُرُوجِ وَيَقُول جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَاهُ إِلاَّ أَنَّهُ يَقُول: أَبْوَابَ فَضْلِكَ بَدَل رَحْمَتِكَ. (4)
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ نَقِفْ لَهُمْ عَلَى قَوْلٍ فِي ذَلِكَ.
__________
(1) المدني على كنون هامش حاشية الرهوني 1 / 150، وشرح ميارة على منظومة ابن عاشر 1 / 171.
(2) الفروع 1 / 304.
(3) حديث " أعوذ بالله العظيم. . . . " أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا (عون المعبود 1 / 175 ط الهند، وبذل المجهود 3 / 307 - 308 نشر دار الكتب العلمية ببيروت) .
(4) الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية 2 / 41 - 42.
أَمَّا عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى نَدْبِ الاِسْتِعَاذَةِ حِينَئِذٍ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَسْتَعِيذُ بِمَا اسْتَعَاذَ بِهِ عِنْدَ الدُّخُول، وَقَدْ أَخَذَ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ (1) .
وَلَمْ يُوقَفْ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ عَلَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ ذَكَرُوا الاِسْتِعَاذَةَ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (2) .

الاِسْتِعَاذَةُ فِي الصَّلاَةِ
حُكْمُهَا:
18 - الاِسْتِعَاذَةُ فِي الصَّلاَةِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ وَاجِبٌ. (4)
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: إِنَّهَا جَائِزَةٌ فِي النَّفْل، مَكْرُوهَةٌ فِي الْفَرْضِ. (5)
وَيُكْتَفَى فِي الاِسْتِدْلاَل عَلَى هَذِهِ الأَْقْوَال بِمَا تَقَدَّمَ فِي الاِسْتِدْلاَل عَلَى أَحْكَامِهَا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فِيمَا عَدَا دَلِيل الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ
__________
(1) حديث " اللهم إني أعوذ بك. . . " أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة من حديث أبي أمامة بسند ضعيف، وللحديث عدة طرق بين ضعيف وموقوف ومنقطع ومرسل (الفتوحات الربانية 2 / 51 و 52 نشر المكتبة الإسلامية) .
(2) الجمل على شرح المنهج 2 / 424، وكشاف القناع 1 / 300 - 301 وشرح ميارة لمنظومة ابن عاشر 2 / 137.
(3) ابن عابدين 1 / 443 ط الثالثة.
(4) الإنصاف 2 / 119.
(5) الرهوني 1 / 424، والدسوقي 1 / 251.

الصفحة 11