كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

ثَانِيًا: الاِسْتِتَارُ عِنْدَ الاِسْتِنْجَاءِ:
31 - الاِسْتِنْجَاءُ يَقْتَضِي كَشْفَ الْعَوْرَةِ، وَكَشْفُهَا أَمَامَ النَّاسِ مُحَرَّمٌ فِي الاِسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ، فَلاَ يَرْتَكِبُ لإِِقَامَةِ سُنَّةِ الاِسْتِنْجَاءِ، وَيَحْتَال لإِِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ لِلْعَوْرَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ. (1)
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: مِنَ الآْدَابِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ وَالتَّجْفِيفِ، لأَِنَّ الْكَشْفَ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَتْ. (2)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي التَّكَشُّفِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ رِوَايَتَانِ: الْكَرَاهَةُ، وَالْحُرْمَةُ. (3)
وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ مُسْتَحَبًّا عَلَى الأَْقَل.

ثَالِثًا: الاِنْتِقَال عَنْ مَوْضِعِ التَّخَلِّي:
32 - إِذَا قَضَى حَاجَتَهُ فَلاَ يَسْتَنْجِي حَيْثُ قَضَى حَاجَتَهُ. كَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ بِالْمَاءِ - بَل يَنْتَقِل عَنْهُ، لِئَلاَّ يَعُودَ الرَّشَاشُ إلَيْهِ فَيُنَجِّسَهُ. وَاسْتَثْنَوُا الأَْخْلِيَةَ الْمُعَدَّةَ لِذَلِكَ، فَلاَ يُنْتَقَل فِيهَا. وَإِذَا كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ بِالْحَجَرِ فَقَطْ فَلاَ يَنْتَقِل مِنْ مَكَانِهِ، لِئَلاَّ يَنْتَقِل الْغَائِطُ مِنْ مَكَانِهِ فَيَمْتَنِعَ عَلَيْهِ الاِسْتِجْمَارُ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَوَّل مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي قَضَى فِيهِ حَاجَتَهُ لِلاِسْتِجْمَارِ بِالْحِجَارَةِ أَيْضًا، كَمَا يَتَحَوَّل لِلاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، وَهَذَا إِنْ خَشِيَ التَّلَوُّثَ. (4)
__________
(1) الدرر على الغرر 1 / 33، ومراقي الفلاح مع حاشية الطحطاوي ص 27، ورد المحتار 1 / 225.
(2) غنية المتملي 1 / 31.
(3) الإنصاف 1 / 97.
(4) نهاية المحتاج 1 / 127، وشرح التحفة 1 / 122، وكشاف القناع 1 / 55.
رَابِعًا: عَدَمُ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ حَال الاِسْتِنْجَاءِ:
33 - مِنْ آدَابِ الاِسْتِنْجَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنْ يَجْلِسَ لَهُ إلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ، أَوْ يَسَارِهَا كَيْ لاَ يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ أَوْ يَسْتَدْبِرَهَا حَال كَشْفِ الْعَوْرَةِ. فَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبَارُهَا حَالَةَ الاِسْتِنْجَاءِ تَرْكُ أَدَبٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، كَمَا فِي مَدِّ الرِّجْل إِلَيْهَا. وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ، وَاخْتَارَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ، وَهَذَا بِخِلاَفِ التَّبَوُّل أَوِ التَّغَوُّطِ إِلَيْهَا فَهُوَ عِنْدَهُمْ مُحَرَّمٌ. (1)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ مَعَ الاِتِّجَاهِ إِلَى الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، لأَِنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، وَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ. (2)

خَامِسًا: الاِسْتِبْرَاءُ:
34 - وَهُوَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنْ خَارِجٍ، وَيَخْتَلِفُ بِطِبَاعِ النَّاسِ، إلَى أَنْ يَسْتَيْقِنَ بِزَوَال الأَْثَرِ. (3) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِبْرَاء) .

سَادِسًا: الاِنْتِضَاحُ وَقَطْعُ الْوَسْوَسَةِ:
35 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ أَوْ سَرَاوِيلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ، قَطْعًا لِلْوَسْوَاسِ، حَتَّى إِذَا شَكَّ حَمَل الْبَلَل عَلَى ذَلِكَ النَّضْحِ، مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلاَفَهُ.
__________
(1) شرح منية المصلي ص 28، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 29، والبحر الرائق 1 / 256.
(2) المجموع 1 / 80.
(3) ابن عابدين 1 / 230.

الصفحة 124