كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - تَنْقَسِمُ الاِسْتِعَانَةُ إِلَى اسْتِعَانَةٍ بِاَللَّهِ، وَاسْتِعَانَةٍ بِغَيْرِهِ.
فَالاِسْتِعَانَةُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَطْلُوبَةٌ فِي كُل شَيْءٍ: مَادِّيٍّ مِثْل قَضَاءِ الْحَاجَاتِ، كَالتَّوَسُّعِ فِي الرِّزْقِ، وَمَعْنَوِيٍّ مِثْل تَفْرِيجِ الْكُرُوبِ، مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) . وقَوْله تَعَالَى: {قَال مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاَللَّهِ وَاصْبِرُوا} (2) .
وَتَكُونُ الاِسْتِعَانَةُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ، كَمَا تَكُونُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ تَعَالَى بِفِعْل الطَّاعَاتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} (3)

3 - أَمَّا الاِسْتِعَانَةُ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِالإِْنْسِ أَوْ بِالْجِنِّ.
فَإِنْ كَانَتْ الاِسْتِعَانَةُ بِالْجِنِّ فَهِيَ مَمْنُوعَةٌ، وَقَدْ تَكُونُ شِرْكًا وَكُفْرًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِْنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (4)
4 - وَأَمَّا الاِسْتِعَانَةُ بِالإِْنْسِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ
__________
(1) سورة الفاتحة / 5.
(2) سورة الأعراف / 128.
(3) سورة البقرة / 45.
(4) سورة الجن / 6.
وَالْعُدْوَانِ} (1)
وَقَدْ يَعْتَرِيهَا الْوُجُوبُ عِنْدَ الاِضْطِرَارِ، كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي تَهْلُكَةٍ وَتَعَيَّنَتْ الاِسْتِعَانَةُ طَرِيقًا لِلنَّجَاةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2)

اسْتِعَانَةُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ الْمُسْلِمِ فِي الْقِتَال:
5 - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ اسْتِعَانَةَ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِهِ فِي الْقِتَال عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ بِشُرُوطٍ، وَالْمَالِكِيَّةُ بِشَرْطِ رِضَاهُ (3) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (جِهَادٌ)

الاِسْتِعَانَةُ بِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ الْقِتَال:
6 - تَجُوزُ الاِسْتِعَانَةُ فِي الْجُمْلَةِ بِغَيْرِ الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي غَيْرِ الْقُرُبَاتِ، كَتَعْلِيمِ الْخَطِّ وَالْحِسَابِ وَالشِّعْرِ الْمُبَاحِ، وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا فِيمَا لاَ يُمْنَعُ مِنْ مُزَاوَلَتِهِ شَرْعًا. وَلاَ تَجُوزُ الاِسْتِعَانَةُ بِهِ فِي الْقُرُبَاتِ كَالأَْذَانِ وَالْحَجِّ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَفِي الأُْمُورِ الَّتِي يُمْنَعُ مِنْ مُزَاوَلَتِهَا شَرْعًا، كَاِتِّخَاذِهِ فِي وِلاَيَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ عَلَى أَوْلاَدِهِمْ.
وَقَدْ تُبَاحُ الاِسْتِعَانَةُ بِأَهْل الْكِتَابِ، دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمَجُوسِ وَمَنْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ فِي بَعْضِ الأُْمُورِ، مِثْل الصَّيْدِ وَالذَّبْحِ، أَمَّا الْمُشْرِكُ وَالْمَجُوسِيُّ
__________
(1) سورة المائدة / 2.
(2) سورة البقرة / 195.
(3) فتح القدير 4 / 327، وكشاف القناع 3 / 48، وابن عابدين 3 / 235.

الصفحة 18