كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)
لاَ يُورَثَ عَنْهُ مَالُهُ، وَلاَ تُزَوَّجَ نِسَاؤُهُ، وَمَيِّتًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لاَ يَرِثَ مِنْ أَحَدٍ. وَلَهُ حُكْمٌ فِي الْمَآل، وَهُوَ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (1) ، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَفْقُودِ. اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (مَفْقُود) .
74 - وَيَسْرِي عَلَى الأَْسِيرِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ مَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِهِ فِي حَال الصِّحَّةِ مِنْ أَحْكَامٍ، فَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ جَائِزٌ، مَا دَامَ صَحِيحًا غَيْرَ مُكْرَهٍ. قَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أُجِيزَ وَصِيَّةُ الأَْسِيرِ وَعَتَاقُهُ وَمَا صَنَعَ فِي مَالِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دِينِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ. (2)
أَمَّا إِنْ كَانَ الأَْسِيرُ فِي يَدِ مُشْرِكِينَ عُرِفُوا بِقَتْل أَسْرَاهُمْ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، لأَِنَّ الأَْغْلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا، وَلَيْسَ يَخْلُو الْمَرَّةَ فِي حَالٍ أَبَدًا مِنْ رَجَاءِ الْحَيَاةِ وَخَوْفِ الْمَوْتِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ الأَْغْلَبُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ الْخَوْفَ عَلَيْهِ، فَعَطِيَّتُهُ عَطِيَّةَ مَرِيضٍ، وَإِذَا كَانَ الأَْغْلَبُ الأَْمَانَ كَانَتْ عَطِيَّتُهُ عَطِيَّةَ الصَّحِيحِ. (3) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (مَرَضُ الْمَوْتِ) .
جِنَايَةُ الأَْسِيرِ وَمَا يَجِبُ فِيهَا:
75 - يَتَّجِهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا صَدَرَ مِنَ الأَْسِيرِ حَال الأَْسْرِ مَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، لأَِنَّهُ لاَ تَخْتَلِفُ الدَّارَانِ فِي
__________
(1) البحر الرائق 5 / 136 ط أولى، والشرح الكبير مطبوع مع المغني 7 / 146.
(2) إرشاد الساري 9 / 447.
(3) الأم 4 / 36 الطبعة الأولى، والبدائع 7 / 133.
تَحْرِيمِ الْفِعْل، فَلَمْ تَخْتَلِفْ فِيمَا يَجِبُ مِنَ الْعُقُوبَةِ. فَلَوْ قَتَل بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ قَذَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ شَرِبَ أَحَدُهُمْ خَمْرًا، فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِمْ إِذَا صَارُوا إِلَى بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تَمْنَعُ الدَّارُ حُكْمَ اللَّهِ.
وَيَقُول الْحَطَّابُ: إِذَا أَقَرَّ الأَْسِيرُ أَنَّهُ زَنَى، وَدَامَ عَلَى إِقْرَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَإِذَا قَتَل الأَْسِيرُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَطَأً، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ، وَالأَْسِيرُ لاَ يَعْلَمُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. وَقِيل الْكَفَّارَةُ فَقَطْ. وَإِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُهُ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. وَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِإِسْلاَمِهِ قُتِل بِهِ. وَإِذَا جَنَى الأَْسِيرُ عَلَى أَسِيرٍ مِثْلِهِ فَكَغَيْرِهِمَا (1) .
76 - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ - فِي جَرِيمَةِ الزِّنَى - بِعَدَمِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لاَ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي دَارِ الْحَرْبِ (2) لاِنْعِدَامِ الْمُسْتَوْفِي، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ
__________
(1) المهذب 2 / 241. والأم 4 / 162، 199، والمغني 10 / 537، ومواهب الجليل 3 / 354.
(2) حديث: " لا تقام الحدود في دار الحرب " لم نجده بهذا اللفظ وإنما يدل عليه ما أخرجه الترمذي من حديث بسر بن أرطاة مرفوعا بلفظ: " لا تقطع الأيدي في الغزو " وما أخرجه النسائي وأبو داود مرفوعا بلفظ " لا تقطع الأيدي في السفر " قال الترمذي: هذا حديث غريب، وسكت عنه أبو داود، وقال الشوكاني: إسناده عند أبي داود ثقات إلى بسر، وفي إسناد الترمذي ابن لهيعة، وفي إسناد النسائي بقية بن الوليد، واختلف في صحبة بسر المذكور. وقال عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده صحيح (تحفة الأحوذي 5 / 11، 12 نشر السلفية، وسنن النسائي 8 / 91 نشر المكتبة التجارية الكبرى، وعون المعبود 4 / 246 ط الهند، ونيل الأوطار 7 / 313 ط دار الجيل، وجامع الأصول بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط 3 / 579 نشر مكتبة الحلواني) .
الصفحة 220