كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

بِبَقَائِهِمْ، لِلْخُلُوصِ مِنْ قَهْرِ الأَْسْرِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْوُجُوبَ بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إِظْهَارِ الدِّينِ (1) ، لَكِنْ جَاءَ فِي مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَإِنْ أُسِرَ مُسْلِمٌ، فَأُطْلِقَ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَرَضِيَ بِالشَّرْطِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ لِحَدِيثِ: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (2) وَإِنْ أُطْلِقَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ، إِلاَّ الْمَرْأَةَ فَلاَ يَحِل لَهَا الرُّجُوعُ. (3)
وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ - إِذَا ائْتَمَنَ الْعَدُوُّ الأَْسِيرَ طَائِعًا عَلَى أَلاَّ يَهْرُبَ، وَلاَ يَخُونَهُمْ - أَنَّهُ يَهْرُبُ وَلاَ يَخُونُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ.
وَأَمَّا إِنِ ائْتَمَنُوهُ مُكْرَهًا، أَوْ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ، فَلَهُ أَنْ
__________
(1) فتح الوهاب 2 / 177، وحاشية الجمل 5 / 209.
(2) حديث: " المؤمنون عند شروطهم. . . ". أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عطاء مرسلا بهذا اللفظ، وعلقه البخاري بلفظ: " المسلمون عند شروطهم ". قال ابن حجر: هذا أحد الأحاديث التي لم يوصلها المصنف في مكان آخر، وقد جاء من حديث عمرو بن عوف المزني، فأخرجه إسحاق في مسنده من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه عن جده مرفوعا، وكذلك أخرجه الت (فتح الباري 4 / 451 - 452 ط السلفية، وتحفة الأحوذي 4 / 584، 585 نشر المكتبة السلفية، وسنن أبي داود 4 / 19، 20 ط استانبول، والمستدرك 2 / 49 نشر دار الكتاب العربي، ونيل الأوطار 5 / 254، 255 ط المطبعة العثمانية) .
(3) مطالب أولي النهى 2 / 583، والإنصاف 4 / 209.
يَأْخُذَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَهُ أَنْ يَهْرُبَ بِنَفْسِهِ. وَقَال اللَّخْمِيُّ: إِنْ عَاهَدُوهُ عَلَى أَلاَّ يَهْرُبَ فَلْيُوَفِّ بِالْعَهْدِ (1) ، فَإِنْ تَبِعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلْيَدْفَعْهُمْ حَتْمًا إِنْ حَارَبُوهُ وَكَانُوا مِثْلَيْهِ فَأَقَل، وَإِلاَّ فَنَدْبًا. (2)

أُسْرَةٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - أُسْرَةُ الإِْنْسَانِ: عَشِيرَتُهُ وَرَهْطُهُ الأَْدْنَوْنَ، مَأْخُوذٌ مِنَ الأَْسْرِ، وَهُوَ الْقُوَّةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَِنَّهُ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَالأُْسْرَةُ: عَشِيرَةُ الرَّجُل وَأَهْل بَيْتِهِ، وَقَال أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: الأُْسْرَةُ أَقَارِبُ الرَّجُل مِنْ قِبَل أَبِيهِ. (3)

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - لَفْظُ الأُْسْرَةِ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، كَذَلِكَ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْفُقَهَاءُ فِي عِبَارَاتِهِمْ فِيمَا نَعْلَمُ. وَالْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ الآْنَ إِطْلاَقُ لَفْظِ (الأُْسْرَةِ) عَلَى الرَّجُل وَمَنْ يَعُولُهُمْ مِنْ زَوْجِهِ وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى يُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ قَدِيمًا بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا: الآْل، وَالأَْهْل، وَالْعِيَال. كَقَوْل النَّفْرَاوِيِّ الْمَالِكِيِّ: مَنْ
__________
(1) التاج والإكليل 3 / 383، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 179، والفروع 3 / 628.
(2) نهاية المحتاج 8 / 78، والأم 8 / 275، ومطالب أولي النهى 2 / 585.
(3) لسان العرب، وتاج العروس، والمصباح المنير. مادة: (أسر) .

الصفحة 223