كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)
وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا، كَطَلاَقِ الْبِدْعَةِ، وَهُوَ طَلاَقُ الْمَدْخُول بِهَا فِي حَال الْحَيْضِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ، وَكَذَلِكَ عَفْوُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ عَنِ الْقِصَاصِ مَجَّانًا (1) .
وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا، كَالطَّلاَقِ بِدُونِ سَبَبٍ يَسْتَدْعِيهِ (2) ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْغَضُ الْحَلاَل إِلَى اللَّهِ الطَّلاَقُ. (3)
الْبَاعِثُ عَلَى الإِْسْقَاطِ:
8 - تَصَرُّفَاتُ الْمُكَلَّفِينَ فِيمَا يَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِيهِ لاَ تَأْتِي عَفْوًا، بَل تَكُونُ لَهَا بَوَاعِثُ، قَدْ تَكُونُ شَرْعِيَّةً، فَيَكُونُ التَّصَرُّفُ اسْتِجَابَةً لأَِوَامِرِ الشَّرْعِ، وَقَدْ تَكُونُ لِمَصَالِحَ شَخْصِيَّةٍ.
وَالإِْسْقَاطُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَأَتَّى فِيهَا الْبَاعِثُ الشَّرْعِيُّ وَالشَّخْصِيُّ.
فَمِنَ الْبَوَاعِثِ الشَّرْعِيَّةِ:
الْعَمَل عَلَى حُرِّيَّةِ الإِْنْسَانِ الَّتِي هِيَ الأَْصْل لِكُل النَّاسِ، وَذَلِكَ الْعِتْقُ الَّذِي حَثَّ عَلَيْهِ الإِْسْلاَمُ.
وَمِنْهَا: الإِْبْقَاءُ عَلَى الْحَيَاةِ، وَذَلِكَ بِإِسْقَاطِ حَقِّ الْقِصَاصِ مِمَّنْ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحَقُّ.
وَمِنْهَا: مُعَاوَنَةُ الْمُعْسِرِينَ، وَذَلِكَ بِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ
__________
(1) المهذب 2 / 79، 80، وشرح منتهى الإرادات 2 / 291، و 3 / 123، وحاشية ابن عابدين 5 / 299، والمغني 7 / 97.
(2) شرح منتهى الإرادات 2 / 648، والمهذب 2 / 79، 80، والمغني 7 / 97.
(3) حديث: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " أخرجه ابن ماجه (1 / 650 ط الحلبي) وأبو داود (2 / 343 ط المكتبة التجارية) ، وأعله ابن حجر في التلخيص بالإرسال والضعف (3 / 205 ط هاشم اليماني) .
عَنْهُمْ إِنْ وُجِدَ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: إِرَادَةُ نَفْعِ الْجَارِ، كَمَا فِي وَضْعِ خَشَبِهِ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ (1) وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ (2) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَتَّسِعُ الْمَقَامُ لِذِكْرِهِ.
أَمَّا الْبَوَاعِثُ الشَّخْصِيَّةُ:
فَمِنْهَا: رَجَاءُ حُسْنِ الْعِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، مِمَّا يَدْعُو الزَّوْجَةَ إِلَى إِبْرَاءِ زَوْجِهَا مِنَ الْمَهْرِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بَعْدَ الدُّخُول (3) ، أَوْ إِسْقَاطِ الزَّوْجَةِ حَقَّهَا فِي الْقَسْمِ (4) .
وَمِنْهَا: الإِْسْرَاعُ فِي الْحُصُول عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ، إِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الأَْجَل فِي أَدَاءِ الْمَال الْمُكَاتَبِ، عَلَيْهِ، فَعَجَّل أَدَاءَ النُّجُومِ (الأَْقْسَاطِ) ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَال، لأَِنَّ الأَْجَل حَقُّ الْمُكَاتَبِ فَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، حَتَّى لَوْ أَبَى السَّيِّدُ أَخْذَ الْمَال جَعَلَهُ الإِْمَامُ فِي بَيْتِ الْمَال، وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ (5) .
وَمِنْهَا: الاِنْتِفَاعُ الْمَادِّيُّ، كَالْخُلْعِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ (6) .
__________
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 271.
(2) حديث: " لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره " أخرجه البخاري (5 / 110 - الفتح - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1230 - ط الحلبي) .
(3) جواهر الإكليل 1 / 315.
(4) المهذب 2 / 70، وجواهر الإكليل 1 / 328.
(5) منتهى الإرادات 2 / 261، 668، والأشباه لابن نجيم ص 266.
(6) منتهى الإرادات 3 / 107، والاختيار 3 / 156، والمهذب 2 / 71، والهداية 3 / 139، 204.
الصفحة 228