كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

النَّصْرُ} (1) وَلِقَوْلِهِ: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2) وَهِيَ مِنْ قَبِيل الْعَوْنِ وَالنَّجْدَةِ، كَمَا قَال تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (3)
الْقِسْمُ الثَّانِي: الاِسْتِغَاثَةُ بِالرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَلَيْهَا وَالْخِلاَفُ فِيهَا.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَغِيثَ الْعَبْدُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مُتَقَرِّبًا بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَفْعَل كَذَا كَمَا سَيَأْتِي.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الاِسْتِغَاثَةُ بِذَاتِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي.

أَنْوَاعُ الاِسْتِغَاثَةِ بِالْخَلْقِ:
7 - وَالاِسْتِغَاثَةُ بِالْخَلْقِ - فِيمَا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ - تَكُونُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ:
أَوَّلُهَا: أَنْ يَسْأَل اللَّهَ بِالْمُتَوَسَّل بِهِ تَفْرِيجَ الْكُرْبَةِ، وَلاَ يَسْأَل الْمُتَوَسَّل بِهِ شَيْئًا، كَقَوْل الْقَائِل: اللَّهُمَّ بِجَاهِ رَسُولِكَ فَرِّجْ كُرْبَتِي. وَهُوَ عَلَى هَذَا سَائِلٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَمُسْتَغِيثٌ بِهِ، وَلَيْسَ مُسْتَغِيثًا بِالْمُتَوَسَّل بِهِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ شِرْكًا، لأَِنَّهَا اسْتِغَاثَةٌ بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَيْسَتِ اسْتِغَاثَةً بِالْمُتَوَسَّل بِهِ؛ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْحِل وَالْحُرْمَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
__________
(1) سورة الأنفال / 72.
(2) سورة القصص / 15.
(3) فتاوى ابن تيمية 1 / 103، 104، والاستغاثة في الرد على البكري 1 / 124، والآية من سورة المائدة / 2.
8 - الْقَوْل الأَْوَّل: جَوَازُ التَّوَسُّل بِالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ حَال حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ مَمَاتِهِمْ. قَال بِهِ مَالِكٌ، وَالسُّبْكِيُّ، وَالْكَرْمَانِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ، وَالْقَسْطَلاَّنِيُّ، وَالسَّمْهُودِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِّ، وَابْنُ الْجَزَرِيِّ (1) .
9 - وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الاِسْتِغَاثَةِ بِالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا مَا وَرَدَ مِنَ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا إِلَيْكَ (2) ".
وَمِنْهَا مَا قَالَهُ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أُسْدٍ اغْفِرْ لأُِمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أُسْدٍ، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا، بِحَقِّ نَبِيِّك وَالأَْنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي،
__________
(1) القسطلاني 8 / 304، والمجموع للنووي 8 / 274، والمواهب اللدنية 8 / 303 - 305، ووفاء الوفا 3 / 1371، 1372، 1376، والمدخل لابن الحاج 2 / 249، والحصن الحصين وجلاء العينين 1 / 436.
(2) حديث " أسألك بحق السائلين. . . ". أخرجه ابن ماجه وسمويه وابن السني من حديث أبي سعيد الخدري. قال الحافظ البوصيري في الزوائد تعليقا على رواية ابن ماجه: هذا إسناد مسلسل بالضعفاء، عطية - وهو العوفي - وفضل بن مرزوق، والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء. لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق فضل بن مرزوق، فهو صحيح عنده. قال المنذري: ذكره رزين، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها، إنما رواه ابن ماجه بإسناد فيه مقال، وحسنه شيخنا الحافظ أبو الحسن. وحكم الألباني بضعفه وبين وجوه ضعف الحديث بمختلف طرقه. (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 256 ط عيسى الحلبي 1352 هـ، والفتح الكبير 3 / 188 - 189 ط مصطفى البابي 1350 هـ، والترغيب والترهيب 3 / 272 نشر المكتبة التجارية 1380 هـ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة، والموضوعة 1 / 34 نشر المكتب الإسلامي) .

الصفحة 24