كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

أَثَرُ الدُّخُول فِي الإِْسْلاَمِ فِي التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَةِ:
5 - الأَْصْل أَنَّ تَصَرُّفَاتِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ صَحِيحَةٌ إِلاَّ مَا جَاءَ الإِْسْلاَمُ بِإِبْطَالِهِ، كَمَا يُعْلَمُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ.
وَإِذَا كَانَ مَنْ دَخَل فِي الإِْسْلاَمِ مُتَزَوِّجًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ بِمَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ، كَأُخْتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ، أَوْ إِحْدَى الأُْخْتَيْنِ. وَاسْتَدَل لَهُ الْقَرَافِيُّ (1) بِقَوْل النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِغَيْلاَنَ لَمَّا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ. (2) وَهَل يَلْزَمُهُ فِرَاقُ مَنْ عَدَا الأَْرْبَعِ الَّتِي تَزَوَّجَهُنَّ أَوَّلاً، أَوْ مَنْ شَاءَ؟ فِي ذَلِكَ خِلاَفٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي بَابِهِ. وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ فِرَاقِ أَيِّ الأُْخْتَيْنِ شَاءَ.
وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ مَعًا، قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْدَهُ، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَلاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ. (3)
إِذَا أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْدَهُ،
__________
(1) الفروق 3 / 91.
(2) حديث غيلان: " أمسك. . . " أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه بهذا المعنى، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا، وصححه ابن حبان، وأعله البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم. قال ابن كثير فيما نقله عنه الصنعاني: وهذا الإسناد رجاله على شرط الشيخين، إلا أن الترمذي (مسند أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر 6 / 277 - 278 ط دار المعارف بمصر 1370 هـ، وتحفة الأحوذي 4 / 278 ط السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 628، وسبل السلام 3 / 132 ط مصطفى الحلبي، ومشكاة المصابيح بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني 2 / 948 نشر المكتب الإسلامي) .
(3) المغني 7 / 534.
أَوْ أَسْلَمَا مَعًا، فَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجُهَا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ، لأَِنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ كِتَابِيَّةٍ، فَاسْتِدَامَتُهُ أَوْلَى، وَلاَ خِلاَفَ فِي هَذَا بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ.
وَأَمَّا إِنْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ قَبْلَهُ وَقَبْل الدُّخُول،
تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجُهَا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ، إِذْ لاَ يَجُوزُ لِكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلاَفَ أَبِي حَنِيفَةَ، إِذَا كَانَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَإِنَّهُ لاَ فُرْقَةَ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الإِْسْلاَمُ فَيَأْبَى.
وَإِنْ كَانَ إِسْلاَمُهُمَا بَعْدَ الدُّخُول فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي:
6 - وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ، أَوِ الْمَجُوسِيَّيْنِ، أَوْ كِتَابِيٌّ مُتَزَوِّجٌ بِوَثَنِيَّةٍ، أَوْ مَجُوسِيَّةٌ قَبْل الدُّخُول، تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ حِينِ إِسْلاَمِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لاَ طَلاَقًا. وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَتَعَجَّل الْفُرْقَةُ، بَل إِنْ كَانَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ عُرِضَ الإِْسْلاَمُ عَلَى الآْخَرِ، فَإِنْ أَبَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَمَرَّتِ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَفَ ذَلِكَ عَلَى انْقِضَاءِ ثَلاَثِ حِيَضٍ، أَوْ مُضِيِّ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَيْسَتْ عِدَّةً، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الآْخَرُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ. وَقَال مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ عُرِضَ عَلَيْهِ الإِْسْلاَمُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلاَّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ. (1)
__________
(1) المغني 7 / 532، 558، وابن عابدين 2 / 390.

الصفحة 261