كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

حُكْمِهِمْ، وَلَوْ كَانَ الأَْبُ حَيًّا كَافِرًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (1) .
وَقَال الثَّوْرِيُّ: إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ يُخَيَّرُ بَيْنَ دِينِ أَبَوَيْهِ، فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ كَانَ عَلَى دِينِهِ (2) .

الإِْسْلاَمُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِدَارِ الإِْسْلاَمِ:
26 - يَدْخُل فِي ذَلِكَ الصَّغِيرُ إِذَا سُبِيَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَبَوَيْهِ، إِذَا أَدْخَلَهُ السَّابِي إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ. وَكَذَلِكَ لَقِيطُ دَارِ الإِْسْلاَمِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُلْتَقِطُهُ ذِمِّيًّا. وَكَذَلِكَ الْيَتِيمُ الَّذِي مَاتَ أَبَوَاهُ وَكَفَلَهُ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ كَافِلَهُ وَحَاضِنَهُ فِي الدِّينِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ. (3)
وَانْفَرَدَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يُحْكَمُ بِإِسْلاَمِهِ إِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَبَوَيْهِ الذِّمِّيِّينَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُل مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ (4) .

ثَالِثًا: الإِْسْلاَمُ بِالدَّلاَلَةِ:
27 - قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: الأَْصْل أَنَّ الْكَافِرَ مَتَى فَعَل
__________
(1) سورة الطور / 21.
(2) البدائع 4 / 104، وابن عابدين 4 / 348، والشربيني 4 / 206 - 207، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 308، والزرقاني على خليل 2 / 69، والمغني 8 / 139 - 140، وكشاف القناع 6 / 183.
(3) شفاء العليل ص 298، والمغني 8 / 140.
(4) حديث " كل مولود. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه. . . " (فتح الباري 11 / 493 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 4 / 2047 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .
عِبَادَةً فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي سَائِرِ الأَْدْيَانِ لاَ يَكُونُ بِهَا مُسْلِمًا، كَالصَّلاَةِ مُنْفَرِدًا، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ الَّذِي لَيْسَ بِكَامِلٍ، وَالصَّدَقَةِ، وَمَتَى فَعَل مَا اخْتَصَّ بِشَرْعِنَا، وَلَوْ مِنَ الْوَسَائِل كَالتَّيَمُّمِ. وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَوْ مِنَ الشَّعَائِرِ، كَالصَّلاَةِ بِجَمَاعَةٍ وَالْحَجِّ الْكَامِل وَالأَْذَانِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ (1) . وَقَدِ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ جُمْلَةً مِنَ الأَْفْعَال تَقُومُ دَلاَلَةً عَلَى كَوْنِ الشَّخْصِ مُسْلِمًا، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ.

أ - الصَّلاَةُ
28 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلاَمِ الْكَافِرِ بِفِعْل الصَّلاَةِ. لَكِنْ قَال الْحَنَابِلَةُ: يُحْكَمُ بِإِسْلاَمِهِ بِالصَّلاَةِ سَوَاءٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَسَوَاءٌ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ فَرْدًا، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الإِْسْلاَمِ، وَإِلاَّ فَهُوَ مُرْتَدٌّ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ.
وَإِنْ مَاتَ قَبْل ظُهُورِ مَا يُنَافِي الإِْسْلاَمَ فَهُوَ مُسْلِمٌ، يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ دُونَ الْكَافِرِينَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْل الْمُصَلِّينَ (2) وَقَوْلِهِ: الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ
__________
(1) الدر المختار 1 / 7364، 3 / 390، والمغني 2 / 201.
(2) حديث: " إني نهيت عن قتل المصلين " أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، قال المنذري: وفي إسناده أبو يسار القرشي، سئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال: مجهول، وأبو هاشم قيل هو ابن عم أبي هريرة، وهو كما قال الحافظ ابن حجر: مجهول الحال أيضا (عون المعبود 4 / 438 ط الهند، وجامع الأصول 4 / 744 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ، وتقريب التهذيب 2 / 482 نشر دار المعرفة 1395 هـ) .

الصفحة 271