كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

ب - أَلاَّ يَقْدِرَ عَلَى الْكِتَابَةِ. جَاءَ فِي تَكْمِلَةِ حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: قَال الْكَمَال: قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لاَ يَقَعُ طَلاَقُهُ بِالإِْشَارَةِ، لاِنْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِمَا هُوَ أَدَل عَلَى الْمُرَادِ مِنَ الإِْشَارَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، وَبِهِ قَال بَعْضُ مَشَايِخِنَا.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: بَل هَذَا الْقَوْل تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ كَانَ الأَْخْرَسُ لاَ يَكْتُبُ، وَكَانَ لَهُ إِشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي طَلاَقِهِ، وَنِكَاحِهِ، وَشِرَائِهِ، وَبَيْعِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. ثُمَّ قَال: فَيُفِيدُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لاَ تَجُوزُ إِشَارَتُهُ (1)
وَفِي الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ لَيْسَ شَرْطًا لِلْعَمَل بِالإِْشَارَةِ (2) .
وَقَال السُّيُوطِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي إِقَامَةِ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ مَقَامَ نُطْقِهِ مَسَائِل لاَ تَقُومُ فِيهَا إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ مَقَامَ النُّطْقِ، مِنْهَا:
(1) إِذَا خَاطَبَ بِالإِْشَارَةِ فِي الصَّلاَةِ لاَ تَبْطُل صَلاَتُهُ فِي الأَْصَحِّ.
(2) إِذَا نَذَرَ بِالإِْشَارَةِ لاَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ.
(3) إِذَا شَهِدَ بِالإِْشَارَةِ لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّ إِقَامَتَهَا مَقَامَ النُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ، وَلاَ ضَرُورَةَ فِي شَهَادَتِهِ لإِِمْكَانِ شَهَادَةِ النَّاطِقِ.
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 425، وتكملة ابن عابدين 2 / 82 ط الميمنية.
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 138.
(4) إِذَا حَلَفَ لاَ يُكَلِّمُ زَيْدًا فَكَلَّمَهُ بِالإِْشَارَةِ لاَ يَحْنَثُ.
(5) إِذَا حَلَفَ بِالإِْشَارَةِ لاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ إِلاَّ فِي اللِّعَانِ (1) .

إِقْرَارُ الأَْخْرَسِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ إِقْرَارِ الأَْخْرَسِ بِالزِّنَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُحَدُّ إِنْ أَقَرَّ بِالزِّنَى بِإِشَارَتِهِ، قَالُوا: لأَِنَّ مَنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الزِّنَى صَحَّ إِقْرَارُهُ بِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَى، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ تَحْتَمِل مَا فُهِمَ مِنْهَا وَغَيْرُهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (2) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ: (حُدُود، وَإِقْرَار) .

إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ بِالإِْقْرَارِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ:
7 - إِشَارَتُهُ فِي ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ فِي قَوْل الْفُقَهَاءِ فِي الْقِصَاصِ، لأَِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (3) .

تَقْسِيمُ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ:
8 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَتْ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ
__________
(1) الأشباه والنظائر ص 247، والمنثور 1 / 164، وإعانة الطالبين 4 / 16، وروضة الطالبين 8 / 39 - 40.
(2) المغني 8 / 196 ط الرياض.
(3) بدائع الصنائع 10 / 4593، 9 / 4187، وروضة الطالبين 8 / 39، والمغني 3 / 566، وحاشية ابن عابدين 2 / 425.

الصفحة 279