كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

الأَْوَّل: أَنَّهَا لَغْوٌ فِي الْجُمْلَةِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلاَّ فِي مَسَائِل مَعْدُودَةٍ نَصَّ عَلَيْهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَقَامُوا فِيهَا الإِْشَارَةَ مَقَامَ النُّطْقِ. وَإِنَّمَا قَالُوا بِإِلْغَائِهَا، لأَِنَّهَا مَهْمَا قَوِيَتْ دَلاَلَتُهَا فَإِنَّهَا لاَ تُفِيدُ الْيَقِينَ الَّذِي تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ، وَمِنَ الْمَسَائِل الَّتِي اسْتَثْنَوْهَا:
أ - إِشَارَةُ الْمُفْتِي بِالْجَوَابِ.
ب - أَمَانُ الْكُفَّارِ، يَنْعَقِدُ بِالإِْشَارَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، فَلَوْ أَشَارَ الْمُسْلِمُ إِلَى الْكَافِرِ بِالأَْمَانِ، فَانْحَازَ إِلَى صَفِّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَحِل قَتْلُهُ.
ج - إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلاَةِ فَرَدَّ بِالإِْشَارَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ.
د - الإِْشَارَةُ بِالْعَدَدِ فِي الطَّلاَقِ.
هـ - لَوْ أَشَارَ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ فَصِيدَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الأَْكْل مِنْهُ. وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ الإِْشَارَةُ بِالإِْقْرَارِ بِالنَّسَبِ لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ إِلَى إِثْبَاتِهِ، وَبِالإِْسْلاَمِ وَالْكُفْرِ.
الثَّانِي: أَنَّ إِشَارَةَ النَّاطِقِ مُعْتَبَرَةٌ كَنُطْقِهِ، مَا دَامَتْ مَفْهُومَةً بَيْنَ النَّاسِ وَمُتَعَارَفًا بَيْنَهُمْ عَلَى مَدْلُولِهَا. وَقَالُوا: إِنَّ التَّعَاقُدَ بِالإِْشَارَةِ أَوْلَى مِنَ التَّعَاقُدِ بِالأَْفْعَال (التَّعَاطِي) ، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَلاَمٌ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قَال آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا} (1) وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ إِلاَّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ خَاصَّةً، دُونَ تَعْيِينِ الْمَنْكُوحَةِ أَوِ النَّاكِحِ (2) .
__________
(1) سورة آل عمران / 41.
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 248، ومواهب الجليل 4 / 229، والبدائع 4 / 16، وابن عابدين 4 / 452، والمغني 3 / 562، والروضة 8 / 39، وإعانة الطالبين 4 / 16، وكشاف القناع 6 / 453 ط الرياض.
تَعَارُضُ عِبَارَةِ النَّصِّ مَعَ إِشَارَتِهِ:
13 - سَبَقَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِعِبَارَةِ النَّصِّ وَبِإِشَارَتِهِ (ر: ف 1) ، فَإِذَا تَعَارَضَتْ عِبَارَةُ نَصٍّ وَإِشَارَةِ آخَرَ يُرَجَّحُ مَفْهُومُ الْعِبَارَةِ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

رَدُّ السَّلاَمِ فِي الصَّلاَةِ:
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رَدِّ السَّلاَمِ فِي الصَّلاَةِ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الرَّدِّ بِالْقَوْل كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ رَدَّهُ حَتَّى يَسْمَعَ (1) . وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ الاِنْصِرَافِ مِنَ الصَّلاَةِ (2) . وَاتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ رَدَّ السَّلاَمِ بِالْقَوْل. فِي الصَّلاَةِ مُبْطِلٌ لَهَا (3) . عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ التَّفْصِيل.
فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الرَّدَّ بِالإِْشَارَةِ وَاجِبٌ (4) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الرَّدُّ بِالإِْشَارَةِ (5) . وَذَهَبَ الأَْحْنَافُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ رَدُّهُ بِالإِْشَارَةِ بِالْيَدِ، وَلاَ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلاَةُ، جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: رَدُّ السَّلاَمِ بِيَدِهِ لاَ يُفْسِدُهَا، خِلاَفًا لِمَنْ
__________
(1) الأثر عن أبي هريرة أورده صاحب عون المعبود 1 / 347 ط الهند، ولم ينسبه إلى كتاب من كتب الحديث.
(2) حاشية عون المعبود 1 / 347، وسبل السلام 1 / 141، والمغني لابن قدامة 1 / 815.
(3) شرح منح الجليل 1 / 183، والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 1 / 815، وحاشية ابن عابدين 1 / 415، ونهاية المحتاج 2 / 44.
(4) منح الجليل 1 / 183.
(5) إعانة الطالبين 4 / 190، ونهاية المحتاج 2 / 44.

الصفحة 281