عَزَا إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ نَقْلُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْل الْمَذْهَبِ (1) . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُرَدُّ بِالإِْشَارَةِ (2) . وَقَدِ اسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ بَعْدَ الاِنْصِرَافِ مِنَ الصَّلاَةِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَال: إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلاً. (3)
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ بِالإِْشَارَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَال: إِنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي. (4)
وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّهُ قَال: مَرَرْتُ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً (5) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 414، 415.
(2) المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 1 / 715، 4 / 716.
(3) حديث: " كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري ومسلم، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (فتح الباري 3 / 72 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 382 ط عيسى الحلبي 1374 هـ، وجامع الأصول في أحاديث الرسول 5 / 485، 486 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .
(4) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة. . . . " أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 383، 384 ط عيسى الحلبي) .
(5) حديث: " مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ". أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي من حديث صهيب رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث صهيب حسن. (تحفة الأحوذي 2 / 363 نشر المكتبة السلفية، وسنن أبي داود 1 / 568 ط استانبول، وسنن النسائي 3 / 5 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وجامع الأصول 5 / 497 نشر مكتبة الحلواني) .
الإِْشَارَةُ فِي التَّشَهُّدِ:
15 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ الإِْشَارَةُ بِسَبَّابَتِهِ، وَتُسَمَّى فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ " الْمُسَبِّحَةَ " وَهِيَ الَّتِي تَلِي الإِْبْهَامَ، وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ التَّوْحِيدِ وَلاَ يُحَرِّكُهَا (1) ، لِحَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا، وَلاَ يُحَرِّكُهَا (2) وَقِيل يُحَرِّكُهَا، لِحَدِيثِ وَائِل بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَفَعَ أُصْبُعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا (3) وَتَفْصِيل كَيْفِيَّةِ الإِْشَارَةِ مِنْ حَيْثُ عَقْدُ الأَْصَابِعِ أَوْ بَسْطُهَا، وَالتَّحْرِيكُ وَعَدَمُهُ يَأْتِي فِي (الصَّلاَةِ) .
إِشَارَةُ الْمُحْرِمِ إِلَى الصَّيْدِ:
16 - إِذَا أَشَارَ الْمُحْرِمُ إِلَى صَيْدٍ، أَوْ دَل حَلاَلاً عَلَيْهِ فَصَادَهُ حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ (4) . وَهَذَا الْقَدْرُ لاَ
__________
(1) الروضة 1 / 262، والمغني لابن قدامة 1 / 383.
(2) حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا. . . " أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وقال النووي: إسناده صحيح (سنن النسائي 3 / 32 ط مصطفى الحلبي 1383 هـ، وعون المعبود 1 / 374 - 375 ط الهند، وجامع الأصول 5 / 404 نشر مكتبة الحلواني، والمجموع للنووي 3 / 454 ط المنيرية) .
(3) حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم رفع أصبعه " أخرجه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، قال الحافظ البوصيري تعليقا على إسناد ابن ماجه: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال محقق صحيح ابن خزيمة: إسناده صحيح. (سنن النسائي 3 / 37 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وسنن ابن ماجه 1 / 295 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، وصحيح ابن خزيمة 1 / 354 نشر المكتب الإسلامي، وسنن البيهقي 2 / 132 ط الهند) .
(4) فتح القدير 1 / 256، وروضة الطالبين 3 / 149، ومغني المحتاج 1 / 524.