كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

فَالْوَاجِبُ أَنْ تُبْلِغَهُ الْمَكَانَ الَّذِي يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَكُونُ حُرًّا فِي عَقِيدَتِهِ. (1)

الاِسْتِعَانَةُ بِالْكَافِرِ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ:
19 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِغَاثَةَ لِدَفْعِ شَرٍّ، أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ مِمَّا يَمْلِكُهُ الْمَخْلُوقُ تَجُوزُ بِالْمَخْلُوقِينَ مُطْلَقًا، فَيُسْتَغَاثُ بِالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، كَمَا يُسْتَغَاثُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسْتَنْصَرُ بِهِ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُل الْفَاجِرِ (2) " فَلَمْ تَكُنِ الإِْغَاثَةُ مِنْ خَصَائِصِ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلاً عَنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّينَ أَوِ الْمُرْسَلِينَ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصْفٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَمِيعِ الآْدَمِيِّينَ. (3)

اسْتِغَاثَةُ الْحَيَوَانِ:
20 - يَجِبُ إِغَاثَةُ الْحَيَوَانِ، لِمَا رُوِيَ مِنَ الأَْحَادِيثِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلاً دَنَا إِلَى بِئْرٍ فَنَزَل، فَشَرِبَ مِنْهَا وَعَلَى الْبِئْرِ كَلْبٌ يَلْهَثُ، فَرَحِمَهُ، فَنَزَعَ أَحَدَ خُفَّيْهِ فَسَقَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ (4)
__________
(1) الطبري 10 / 79.
(2) حديث " إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ". رواه ابن أبي الدنيا في المداراة عن أبي هريرة بلفظ " إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر " روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: " يا بلال قم فأذن لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين وابن حبان من حديث أنس بن مالك وأحمد والطبراني من حديث أبي بكرة بلفظ " إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم " قال الحافظ العراقي: إسناده جيد، وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات. (كشف الخفاء ومزيل الإلباس 1 / 273، 274 ط مؤسسة الرسالة، وفيض القدير 2 / 279 ط المكتبة التجارية 1356 هـ) .
(3) الاستغاثة لابن تيمية ص 138 ط السلفية
(4) حديث " إن رجلا دنا إلى بئر ". أخرجه البخاري ومسلم وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا واللفظ لابن حبان (الترغيب والترهيب 3 / 210، 2 / 71، 72 نشر مصطفى البابي الحلبي 1373 هـ، وفتح الباري 5 / 40، 41 ط السلفية) .
حَالَةُ الْمُسْتَغِيثِ:
21 - إِذَا كَانَ الْمُسْتَغِيثُ عَلَى حَقٍّ وَجَبَتْ إِغَاثَتُهُ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ إِغَاثَةِ الْمُسْلِمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} (1) " أَيْ إِنِ اسْتَنْقَذُوكُمْ فَأَعِينُوهُمْ بِنَفِيرٍ أَوْ مَالٍ، فَذَلِكَ فَرْضٌ عَلَيْكُمْ، فَلاَ تَخْذُلُوهُمْ إِلاَّ أَنْ يَسْتَنْصِرُوكُمْ عَلَى قَوْمٍ كُفَّارٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَلاَ تَنْصُرُوهُمْ عَلَيْهِمْ. إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا أَسْرَى مُسْتَضْعَفِينَ، فَإِنَّ الْوِلاَيَةَ مَعَهُمْ قَائِمَةٌ، وَالنُّصْرَةَ لَهُمْ وَاجِبَةٌ، حَتَّى لاَ تَبْقَى مِنَّا عَيْنٌ تَطْرُفُ، حَتَّى نَخْرُجَ إِلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ إِنْ كَانَ عَدَدُنَا يَحْتَمِل ذَلِكَ، أَوْ نَبْذُل جَمِيعَ أَمْوَالِنَا فِي اسْتِخْرَاجِهِمْ حَتَّى لاَ يَبْقَى لأَِحَدٍ دِرْهَمٌ، كَذَلِكَ قَال مَالِكٌ وَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ (2)
وَلِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُذِل عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ، أَذَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (3)
22 - أَمَّا إِنْ كَانَ الْمُسْتَغِيثُ عَلَى بَاطِلٍ، فَإِنْ أَرَادَ النُّزُوعَ عَنْهُ وَأَظْهَرَ ذَلِكَ اُسْتُنْقِذَ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ
__________
(1) سورة الأنفال / 72.
(2) القرطبي 8 / 57.
(3) حديث " من أذل عنده مؤمن فلم ينصره. . . . . ". أخرجه أحمد بن حنبل بهذا اللفظ من حديث سهل بن حنيف مرفوعا، قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات (مسند أحمد بن حنبل 3 / 487 نشر المكتب الإسلامي 1398 هـ، وفيض القدير 6 / 46 ط المكتبة التجارية 1357 هـ.) .

الصفحة 30