كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ مَثَلاً، فِيمَا إِذَا وَجَدَ الزَّوْجَانِ فِي فِرَاشِهِمَا الْمُشْتَرَكِ مَنِيًّا، وَلَمْ يَذْكُرْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرَهُ، وَقَال الزَّوْجُ: إِنَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَلَعَلَّهَا احْتَلَمَتْ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: إِنَّهُ مِنَ الرَّجُل وَلَعَلَّهُ احْتَلَمَ، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْل عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا (1) . كَمَا نَصُّوا فِي بَابِ الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا، وَاخْتَلَى بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ فَارَقَهَا، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُل بِهَا، لأَِنَّ الْخَلْوَةَ مَثَارُ الشُّبْهَةِ، وَهَذَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الأَْعْرَاضِ وَالأَْنْسَابِ. (2)

هـ - الاِنْتِظَارُ لِمُضِيِّ الْمُدَّةِ:
24 - وَهَذَا يَكُونُ فِيمَا لَهُ مُدَّةٌ مُحَدَّدَةٌ، كَدُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُول: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . (3) فَإِنِ اشْتَبَهَ الأَْمْرُ وَغُمَّ الْهِلاَل وَجَبَ إِكْمَال شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا، (4) لِخَبَرِ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا. (5)

و إِجْرَاءُ الْقُرْعَةِ:
25 - يَقُول الْقَرَافِيُّ: مَتَى تَعَيَّنَتِ الْمَصْلَحَةُ أَوِ الْحَقُّ فِي جِهَةٍ فَلاَ يَجُوزُ الإِْقْرَاعُ، لأَِنَّ فِي الْقُرْعَةِ ضَيَاعَ ذَلِكَ الْحَقِّ الْمُعَيَّنِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ، وَمَتَى تَسَاوَتِ الْحُقُوقُ وَالْمَصَالِحُ، وَاشْتُبِهَ فِي الْمُسْتَحِقِّ فَهَذَا هُوَ
__________
(1) المصباح المنير مادة: (حوط) ، والفتاوى الهندية 1 / 15.
(2) إرشاد الفحول ص 244 - 245.
(3) سورة البقرة / 185.
(4) تبيين الحقائق 1 / 316، ومواهب الجليل 2 / 377، والمهذب 1 / 186، وكشاف القناع 2 / 300.
(5) حديث " صوموا لرؤيته " أخرجه البخاري ومسلم (فتح الباري 4 / 119 ط السلفية، وصحيح مسلم 2 / 762 - ط الحلبي) .
مَوْضِعُ الْقُرْعَةِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، مَنْعًا لِلضَّغَائِنِ. (1) وَتَفْصِيلَةُ فِي (إِثْبَاتٌ) (ف / 36) وَفِي (قُرْعَة) .

الأَْثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ:
26 - دَرْءُ الْحَدِّ: مِنْ أَظْهَرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ مِنْ آثَارٍ: دَرْءُ الْحَدِّ عَنِ الْجَانِي. فَقَدْ رَوَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. (2) وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ. (3) إِلَخْ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: لأََنْ أُعَطِّل الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقِيمَهَا بِالشُّبُهَاتِ (4) .
وَيَقُول الْكَاسَانِيُّ: إِنَّ الْحَدَّ عُقُوبَةٌ مُتَكَامِلَةٌ فَيَسْتَدْعِي جِنَايَةً مُتَكَامِلَةً، فَإِذَا كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ كَانَتِ الْجِنَايَةُ غَيْرَ مُتَكَامِلَةٍ. (5)

27 - وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ مِنْ آثَارٍ عَمَلِيَّةٍ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْمُصَلِّي: وُجُوبُ سُجُودِ السَّهْوِ جَبْرًا، لِتَرْكِ
__________
(1) التبصرة لابن فرحون 2 / 96، والقواعد لابن رجب ص 348 - 350.
(2) حديث " ادرءوا الحدود عن المسلمين. . . . " أخرجه الترمذي (4 / 33 طبع الحلبي) والحاكم (4 / 384 - ط دائرة المعارف العثمانية) . وضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 56 - ط دار المحاسن بالقاهرة) .
(3) حديث " ادرءوا الحدود بالشبهات " أخرجه البيهقي (8 / 238 - دائرة المعارف العثمانية) بلفظ: " ادرءوا القتل والجلد عن المسلمين ما استطعتم " وذكر ابن حجر في التلخيص تصحيحه عن البيهقي. (4 / 56 ط دار المحاسن بالقاهرة) .
(4) الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لأن أعطل الحدود بالشبهات. . . " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9 / 566 - الدار السلفية) وحكم عليه ابن حجر في التلخيص بالانقطاع (4 / 56 ط دار المحاسن بالقاهرة) .
(5) البدائع 7 / 34.

الصفحة 303