كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

وَاشْتَرَطَ مَعْنَاهُ: شَرَطَ. تَقُول الْعَرَبُ: شَرَطَ عَلَيْهِ كَذَا أَيْ أَلْزَمَهُ بِهِ، فَالاِشْتِرَاطُ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الشَّرْطِ.
وَالشَّرْطُ (بِسُكُونِ الرَّاءِ) لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ، مِنْهَا: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ. قَال فِي الْقَامُوسِ: الشَّرْطُ إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، كَالشَّرِيطَةِ، (1) وَيُجْمَعُ عَلَى شَرَائِطَ وَشُرُوطٍ. وَالشَّرَطُ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) مَعْنَاهُ الْعَلاَمَةُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْرَاطٍ.
وَاَلَّذِي يَعْنِي بِهِ الْفُقَهَاءُ هُوَ الشَّرْطُ (بِسُكُونِ الرَّاءِ) وَهُوَ إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ. فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُوَكِّل عَلَى الْوَكِيل شَرْطًا فَلاَ بُدَّ لِلْوَكِيل أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهِ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الْتِزَامِهَا وَعَدَمِ الْخُرُوجِ عَنْهَا. (2)
أَمَّا الاِشْتِرَاطُ فِي الاِصْطِلاَحِ، فَقَدْ عَرَّفَ الأُْصُولِيُّونَ الشَّرْطَ بِأَنَّهُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلاَ عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَلاَ يَشْتَمِل عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ فِي ذَاتِهِ بَل فِي غَيْرِهِ. (3)
وَالشَّرْطُ بِهَذَا الْمَعْنَى يُخَالِفُ الْمَانِعَ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ. وَيُخَالِفُ السَّبَبَ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ. وَيُخَالِفُ جُزْءَ الْعِلَّةِ، لأَِنَّهُ يَشْتَمِل عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ، لأَِنَّ جُزْءَ الْمُنَاسِبِ مُنَاسِبٌ. (4)
__________
(1) القاموس المحيط مادة: (شرط) .
(2) لسان العرب، والصحاح مادة: (شرط) .
(3) الفروق للقرافي 1 / 59، 61 ط إحياء الكتب العربية.
(4) كشف الأسرار للبزدوي 4 / 173 ط دار الكتاب العربي، وأصول السرخسي 2 / 303 ط حيدر آباد، والتلويح على التوضيح 1 / 45.
2 - وَالشَّرْطُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ قَدْ يَكُونُ عَقْلِيًّا، أَوْ شَرْعِيًّا، أَوْ عَادِيًّا، أَوْ لُغَوِيًّا، بِاعْتِبَارِ الرَّابِطِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَمَشْرُوطِهِ، إِنْ كَانَ سَبَبُهُ الْعَقْل، أَوِ الشَّرْعَ، أَوِ الْعَادَةَ، أَوِ اللُّغَةَ. وَهُنَاكَ أَقْسَامٌ أُخْرَى لِلشَّرْطِ يَذْكُرُهَا الأُْصُولِيُّونَ فِي كُتُبِهِمْ. وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ. (1)
3 - أَمَّا الشَّرْطُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: الشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ (الشَّرْعِيُّ) ، وَثَانِيهَا: الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ. وَفِيمَا يَلِي مَعْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا:

أ - الشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ:
4 - الشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، كَالْوُضُوءِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلاَةِ، فَإِنَّ الصَّلاَةَ لاَ تُوجَدُ بِلاَ وُضُوءٍ، لأَِنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا. وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ يُوجَدُ، فَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَى وُجُودِهِ وُجُودُ الصَّلاَةِ، وَلَكِنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ صِحَّةِ الصَّلاَةِ.

ب - الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ:
5 - الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: الشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ، وَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَالطَّلاَقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى دُخُول الدَّارِ، كَمَا إِذَا قَال لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّ الطَّلاَقَ مُرَتَّبٌ عَلَى دُخُولِهَا الدَّارَ، فَلاَ يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الدُّخُول انْتِفَاءُ الطَّلاَقِ، بَل قَدْ يَقَعُ الطَّلاَقُ بِسَبَبٍ آخَرَ. (2)
__________
(1) الفروق 1 / 61، 62، وانظر مصطلح (شرط) .
(2) التلويح على التوضيح 1 / 145، 146.

الصفحة 305