كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)
وَثَانِيهِمَا: الشَّرْطُ الْمُقَيَّدُ، وَمَعْنَاهُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ. (1) وَالاِشْتِرَاطُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ فِعْل الْمُشْتَرَطِ، بِأَنْ يُعَلِّقَ أَحَدَ تَصَرُّفَاتِهِ، أَوْ يُقَيِّدَهَا بِالشَّرْطِ، فَمَعْنَى الاِشْتِرَاطِ لاَ يَتَحَقَّقُ إِلاَّ فِي الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ. وَسَيَأْتِي التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (شَرْطٌ)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّعْلِيقُ:
6 - فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ بَيْنَ الاِشْتِرَاطِ وَالتَّعْلِيقِ، بِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَا دَخَل عَلَى أَصْل الْفِعْل بِأَدَاتِهِ، كَإِنْ وَإِذَا، وَالشَّرْطُ مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل، وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ. (2)
وَقَال الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: إِنَّ التَّعْلِيقَ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ، بِإِنْ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَالشَّرْطُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ. (3)
الاِشْتِرَاطُ الْجَعْلِيُّ وَأَثَرُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ
7 - الاِشْتِرَاطُ الْجَعْلِيُّ قَدْ يَكُونُ تَعْلِيقِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ تَقْيِيدِيًّا، فَالاِشْتِرَاطُ التَّعْلِيقِيُّ. هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى يَعْتَبِرُهُ الْمُكَلَّفُ، وَيُعَلِّقُ عَلَيْهِ تَصَرُّفًا مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، كَالطَّلاَقِ، وَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ التَّعْلِيقَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْتِيبِ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ، بِإِنْ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا. فَالاِشْتِرَاطُ التَّعْلِيقِيُّ هُوَ فِعْل
__________
(1) غمز عيون البصائر للحموي 2 / 225 ط العامرة.
(2) المنثور للزركشي 1 / 371 ط وزارة أوقاف الكويت.
(3) الحموي على ابن نجيم 2 / 225 ط العامرة.
الْمُشْتَرَطِ، كَأَنْ يُعَلِّقَ أَحَدَ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى الشَّرْطِ (1) .
هَذَا، وَلِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ شُرُوطٌ يَذْكُرُهَا الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ.
مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلاَقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يَقَعُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لاَ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا. (2)
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مُسْتَقْبَلاً، بِخِلاَفِ الْمَاضِي، فَإِنَّهُ لاَ مَدْخَل لِلتَّعْلِيقِ فِيهِ، فَهُوَ تَنْجِيزٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فِي الصُّورَةِ. (3)
وَمِنْهَا: أَلاَّ يَفْصِل بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ بِمَا يُعْتَبَرُ فَاصِلاً فِي الْعَادَةِ، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ. (4)
وَلِلاِشْتِرَاطِ التَّعْلِيقِيِّ أَثَرُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ إِذَا اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِطُ، فَإِنَّ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَقْبَل التَّعْلِيقَ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَقْبَلُهُ. (5)
التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لاَ تَقْبَل التَّعْلِيقَ:
8 - مِنْهَا: الْبَيْعُ، وَهُوَ مِنَ التَّمْلِيكَاتِ، لاَ يَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ انْتِقَالٌ لِلْمِلْكِ مِنْ طَرَفٍ
__________
(1) راجع مصطلح (شرط) .
(2) تبيين الحقائق 2 / 243 ط دار المعرفة، وقليوبي وعميرة 3 / 342 ط الحلبي.
(3) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 376 ط الحلبي.
(4) كشاف القناع 5 / 284 ط الرياض.
(5) المنثور للزركشي 1 / 370 ط وزارة أوقاف الكويت، والفروق 1 / 228، 229 ط إحياء الكتب العربية، وجامع الفصولين 2 / 1 - 4 ط بولاق، وتبيين الحقائق 5 / 148، 149 ط دار المعرفة، والفتاوى الهندية 4 / 396 ط تركيا، وانظر مصطلح (شرط) .
الصفحة 306