كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

إِلَى طَرَفٍ، وَانْتِقَال الأَْمْلاَكِ إِنَّمَا يَعْتَمِدُ الرِّضَا، وَالرِّضَا يَعْتَمِدُ الْجَزْمَ، وَلاَ جَزْمَ مَعَ التَّعْلِيقِ (1) .
وَمِنْهَا: النِّكَاحُ، فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي بَابِ النِّكَاحِ. (2)

التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ:
9 - مِنْهَا: الْكَفَالَةُ، فَإِنَّهَا تَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الأَْصَحِّ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ. (3)
هَذَا، وَبِالنَّظَرِ إِلَى مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي التَّصَرُّفَاتِ عَلَى اخْتِلاَفِ أَنْوَاعِهَا مِنَ التَّمْلِيكَاتِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَالاِلْتِزَامَاتِ وَالإِْطْلاَقَاتِ وَالإِْسْقَاطَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَالْوِلاَيَاتِ، فَإِنَّنَا نَجِدُهُمْ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لاَ يَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ مُطْلَقًا، كَالتَّمْلِيكَاتِ، وَالْمُعَاوَضَاتِ، وَالأَْيْمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالإِْقْرَارِ. وَبَعْضُهَا يَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ مُطْلَقًا، كَالْوِلاَيَاتِ وَالاِلْتِزَامِ بِبَعْضِ الطَّاعَاتِ، كَالنَّذْرِ مَثَلاً وَالإِْطْلاَقَاتِ. وَبَعْضُهَا فِيهِ الْخِلاَفُ مِنْ حَيْثُ قَبُولِهِ الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ أَوْ عَدَمِ قَبُولِهِ لَهُ، كَالإِْسْقَاطَاتِ وَبَعْضِ عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ
__________
(1) الفتاوى الهندية 4 / 396 ط تركيا، والفروق للقرافي 1 / 229 ط إحياء الكتب العربية، وقليوبي وعميرة 2 / 154، ومنتهى الإرادات 1 / 354 ط دار المعرفة.
(2) الفتاوى الهندية 4 / 396، ومواهب الجليل 3 / 446 ط النجاح، والمنثور 1 / 373، وكشاف القناع 5 / 98
(3) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 368، وتبيين الحقائق 5 / 148، ورد المحتار 5 / 354، والفتاوى الهندية 4 / 396، ومواهب الجليل 5 / 101، ومغني المحتاج 3 / 306 ط الحلبي، ومنتهى الإرادات 1 / 414، وراجع مصطلح (شرط، وكفالة) .
وَغَيْرِهَا. وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مُصْطَلَحِ: (شَرْط) .

الاِشْتِرَاطُ التَّقْيِيدِيُّ وَأَثَرُهُ
10 - سَبَقَ أَنَّ الاِشْتِرَاطَ التَّقْيِيدِيَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَعْنَاهُ: الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ. (1) أَوْ أَنَّهُ: مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ (2) . فَالشَّرْطُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الاِشْتِرَاطِ، لأَِنَّ الْتِزَامَ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ، أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ آخَرَ بَعْدَ الْجَزْمِ بِالأَْصْل هُوَ الاِشْتِرَاطُ. وَلِهَذَا الشَّرْطُ أَثَرُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ إِذَا اُشْتُرِطَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ أَوِ الْبُطْلاَنِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّصَرُّفَ إِذَا قُيِّدَ بِشَرْطٍ فَلاَ يَخْلُو هَذَا الشَّرْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلاً.
فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا، كَمَا لَوِ اُشْتُرِطَ فِي الْبَقَرَةِ كَوْنُهَا حَلُوبًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، لأَِنَّ الْمَشْرُوطَ صِفَةٌ لِلْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ، وَهِيَ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لاَ يُتَصَوَّرُ انْقِلاَبُهَا أَصْلاً، وَلاَ يَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ بِحَالٍ. (3)
وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلاً أَوْ فَاسِدًا، كَمَا لَوِ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ، كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. (4)
__________
(1) الحموي على ابن نجيم 2 / 225 ط العامرة.
(2) المنثور 1 / 37.
(3) بدائع الصنائع 5 / 173، والشرح الكبير 3 / 108، ومغني المحتاج 3 / 24، وكشاف القناع 3 / 888.
(4) بدائع الصنائع 5 / 169، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 309، 310، ومغني المحتاج 3 / 33.

الصفحة 307