كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)
وَالرَّغْبَةُ فِيهِ وَنُزُوعُ النَّفْسِ إِلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِالنِّسَاءِ أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَالشَّهْوَةُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَال لِلْقُوَّةِ الَّتِي تَشْتَهِي الشَّيْءَ شَهْوَةً. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَأَغْلَبُ مَا يَعْنُونَ بِاسْتِعْمَالِهِمْ لِلَفْظَيِ اشْتِهَاءٍ وَشَهْوَةٍ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِرَغْبَةِ الرَّجُل فِي الْمَرْأَةِ وَرَغْبَتِهَا فِيهِ، وَهُوَ مَا يَجِدُهُ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا مِنْ لَذَّةٍ نَفْسِيَّةٍ، بِتَحْرِيكِ الْقَلْبِ وَمَيْلِهِ، أَوْ لَذَّةٍ حِسِّيَّةٍ بِتَحَرُّكِ أَعْضَاءِ التَّنَاسُل، وَذَلِكَ عِنْدَ النَّظَرِ أَوِ الْمَسِّ، أَوِ الْمُبَاشَرَةِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامٍ. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - الشَّبَقُ: وَهُوَ هِيَاجُ شَهْوَةِ النِّكَاحِ، فَالشَّبَقُ أَخَصُّ مِنْ الاِشْتِهَاءِ. (3)
صِفَتُهَا (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :
3 - الاِشْتِهَاءُ الطَّبِيعِيُّ الَّذِي لاَ إِرَادَةَ فِي إِيجَادِهِ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (4) وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تُؤَاخِذْنِي فِيمَا لاَ أَمْلِكُ (5) وَلَكِنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالاِشْتِهَاءِ الإِْرَادِيِّ.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمفردات للراغب، والمعجم الوسيط: مادة (شهي) .
(2) ابن عابدين 5 / 241 ط بولاق ثانية، ومغني المحتاج 3 / 128 وما بعدها ط مصطفى الحلبي، ومنح الجليل 2 / 4 ط مكتبة النجاح بليبيا.
(3) المصباح المنير مادة: (شبق) .
(4) سورة البقرة / 286.
(5) حديث: " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك ". أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا بألفاظ مقاربة، ولفظ أبي داود والحاكم: " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " والحديث صححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي ورجح الترمذي إرساله. وكذا أعله النسائي والدارقطني. وقال أبو زرعة: لا أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على وصله (تحفة الأحوذي 4 / 2 وعون المعبود 2 / 208 ط الهند، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 634 ط عيسى الحلبي، والمستدرك 2 / 187 نشر دار الكتاب العربي، وموارد الظمآن بتحقيق محمد عبد الرزاق حمزة ص 317 نشر دار الكتب العلمية، ونيل الأوطار 6 / 372 ط دار الجيل، وشرح السنة للبغوي 9 / 151 نشر المكتب الإسلامي) .
وَمَا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ: إِمَّا مُبَاحٌ أَوْ مُحَرَّمٌ.
أَمَّا الْمُبَاحُ: فَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي إِعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنَ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبَ.
أَحَدُهَا: مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا حَتَّى لاَ تَطْغَى.
الثَّانِي: إِعْطَاؤُهَا تَخَيُّلاً عَلَى نَشَاطِهَا.
الثَّالِثُ، وَهُوَ الأَْشْبَهُ: التَّوَسُّطُ (1) .
أَمَّا اشْتِهَاءُ الْمُحَرَّمِ فَحَرَامٌ،
وَأَكْثَرُ مَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ هُوَ اشْتِهَاءُ الرَّجُل الْمَرْأَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ، أَوِ الْعَكْسُ، وَيُرَتِّبُونَ عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامًا مِنْهَا:
أ - النَّظَرُ:
4 - الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا لِكُل مَنْظُورٍ إِلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مُحَرَّمٍ، لاَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَظَرَ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْ شَهْوَةٍ صُبَّ فِي عَيْنَيْهِ الآْنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2)
وَخَوْفُ الشَّهْوَةِ أَوِ الشَّكُّ فِي الاِشْتِهَاءِ يَحْرُمُ مَعَهُ النَّظَرُ أَيْضًا، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُل فِي ذَلِكَ يَحْرُمُ نَظَرُهَا إِلَى
__________
(1) حاشية عميرة بأسفل القليوبي 4 / 264 ط الحلبي.
(2)) حديث: " من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة ". أورده ابن حجر في الدراية، وقال: لم أجده. وذكره أيضا الزيلعي في نصب الراية واستغربه (الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2 / 225 ط الفجالة الجديدة، ونصب الراية 4 / 239، 240 دار المأمون) .
الصفحة 315