كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

الطَّعَامِ، لأَِنَّهُ مِلْكٌ مُحَرَّزٌ لِصَاحِبِهِ، وَلِهَذَا كَانَ الآْخِذُ ضَامِنًا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُقَاتِل بِالسِّلاَحِ، وَيَكُونُ دَمُ الْمَانِعِ هَدَرًا (2) .

الاِسْتِغَاثَةُ عِنْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ:
25 - لإِِغَاثَةِ مَنْ سَيَتَعَرَّضُ لِلْحَدِّ حَالَتَانِ:
الأُْولَى: قَبْل أَنْ يَصِل أَمْرُهُ إِلَى الإِْمَامِ، أَوِ الْحَاكِمِ، يُسْتَحَبُّ إِغَاثَتُهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَعَدَمِ رَفْعِ أَمْرِهِ لِلْحَاكِمِ (3) .
لِمَا رُوِيَ عَنْ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْدَهُ فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ، قَال: فَلَوْلاَ كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يَا أَبَا وَهْبٍ فَقَطَعَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4) .
وَالثَّانِيَةُ: إِذَا وَصَل أَمْرُهُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَلاَ إِغَاثَةَ وَلاَ شَفَاعَةَ. لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةَ حِبُّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَلَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَل مَنْ كَانَ
__________
(1) المبسوط 23 / 166.
(2) حاشية الدسوقي 4 / 242، والمغني 9 / 580.
(3) فتح الباري 12 / 72 - 73 ط المطبعة البهية
(4) خبر صفوان أخرجه أبو داود ومالك والنسائي واللفظ له، قال عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده حسن (جامع الأصول في أحاديث الرسول 3 / 600 - 602 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 6 / 225 ط دار المعرفة، وسنن النسائي 8 / 68 نشر المكتبة التجارية، وتنوير الحوالك شرح على موطأ مالك 3 / 49 نشر مكتبة المشهد الحسيني) .
قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا (1) .

الاِسْتِغَاثَةُ عِنْدَ الْغَصْبِ:
26 - اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغِيثَ أَوَّلاً، وَأَنْ يَدْفَعَ الصَّائِل أَوِ السَّارِقَ بِغَيْرِ الْقَتْل. فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ، أَوْ كَانَ لَيْلاً، أَوْ لَمْ يُغِثْهُ أَحَدٌ، أَوْ مَنَعَهُ الصَّائِل، أَوِ السَّارِقُ مِنْ الاِسْتِغَاثَةِ، أَوْ عَاجَلَهُ، فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ - وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً - وَلَوْ بِالْقَتْل، لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ عِرْضِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (2) وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى لِصًّا فَأَصْلَتَ عَلَيْهِ السَّيْفَ قَال: فَلَوْ تَرَكْنَاهُ لَقَتَلَهُ. وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ فَقَال: لِصٌّ دَخَل بَيْتِي وَمَعَهُ حَدِيدَةٌ، أَقْتُلُهُ؟ قَال:
__________
(1) روت عائشة رضي الله عنها " أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت. . . ". أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها (فتح الباري 12 / 87 ط السلفية، وجامع الأصول في أحاديث الرسول 3 / 561 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .
(2) حديث " من قتل دون ماله. . . ". أخرجه أحمد بن حبل وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث سعيد بن زيد مرفوعا ولفظ أبي داود: " ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد " قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني أيضا، وأخرج البخاري الجزء الأول من الحديث " من قتل دون ماله فهو شهيد " من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (فيض القدير 6 / 195 ط المكتبة التجارية 1357 هـ، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 7 / 158 ط دار المعرفة، وتحفة الأحوذي 4 / 681 ط السلفية، وصحيح الجامع الصغير بتحقيق الألباني 5 / 335 نشر المكتب الإسلامي، وفتح الباري 5 / 123 ط السلفية) .

الصفحة 32