كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. (1)
وَيُكْرَهُ الاِفْتِتَاحُ فِي الْمَكْتُوبَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2)
وَمَحَل الاِسْتِغْفَارِ فِي دُعَاءِ الاِفْتِتَاحِ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي سُنَنِ الصَّلاَةِ، أَوْ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ.

ثَانِيًا: الاِسْتِغْفَارُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ:
13 يُسَنُّ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي الرُّكُوعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ. رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُول فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي (3) يَتَأَوَّل الْقُرْآنَ، أَيْ يُحَقِّقُ قَوْله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} (4) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ لِلْمُنْفَرِدِ، وَلإِِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيل. وَلاَ يَأْتِي بِغَيْرِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يُجِيزُونَ الاِسْتِغْفَارَ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ (5) .
__________
(1) حديث " اللهم إني ظلمت نفسي ظلما. . . . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 317 ط السلفية) .
(2) الكافي لابن عبد البر 1 / 206 ط الرياض.
(3) حديث عائشة أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول 1 / 190 ط دار إحياء التراث العربي 1381 هـ) .
(4) سورة النصر / 3.
(5) الزرقاني على خليل 1 / 217، وابن عابدين 1 / 340 والجمل على المنهج 1 / 364 ط دار إحياء التراث العربي، والزوائد في فقه الإمام أحمد 1 / 120 ط السلفية.
14 - وَفِي السُّجُودِ يُنْدَبُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ السَّابِقِ (1) . .
15 - وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يُسَنُّ الاِسْتِغْفَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَالأَْصْل فِي هَذَا مَا رَوَى حُذَيْفَةُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَقُول بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي. (2)
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الاِسْتِغْفَارُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ صَلاَتَهُ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَهُوَ قَوْل إِسْحَاقَ وَدَاوُدَ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَقَل الْكَمَال ثَلاَثٌ، وَالْكَمَال لِلْمُنْفَرِدِ مَا لاَ يُخْرِجُهُ إِلَى السَّهْوِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلإِْمَامِ: مَا لاَ يَشُقُّ عَلَى الْمُصَلِّينَ. (3)

الاِسْتِغْفَارُ فِي الْقُنُوتِ:
16 - جَاءَ الاِسْتِغْفَارُ فِي أَلْفَاظِ الْقُنُوتِ، قُنُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُنُوتِ عُمَرَ، وَأَلْفَاظُهُ كَبَقِيَّةِ الأَْلْفَاظِ الْوَارِدَةِ، وَلَمْ نَقِفْ عَلَى أَمْرٍ يَخُصُّهُ، إِلاَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ
__________
(1) المراجع السابقة.
(2) حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين. . . . " أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث حذيفة، وأخرجه أيضا الترمذي وأبو داود مطولا، والحديث أصله في مسلم (نيل الأوطار 2 / 293 ط دار الجيل، وتحفة الأحوذي 2 / 162 نشر السلفية) .
(3) ابن عابدين 1 / 340، والحطاب 1 / 545، والخرشي 1 / 290 ط دار صادر، والزرقاني على خليل 1 / 217، ونهاية المحتاج 1 / 496 ط الحلبي، والزوائد 1 / 120 ط السلفية، ومغني ابن قدامة 1 / 503، 522 ط الرياض، والفتاوى الحامدية الكبرى ص / 78 ط دار نشر الثقافة.

الصفحة 39