كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

يُقْصِرُهُ عَلَى ذَلِكَ (1) ، مُسْتَدِلًّا بِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (2) لأَِنَّ الآْيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الاِسْتِغْفَارَ وَسِيلَةٌ لِلسُّقْيَا. بِدَلِيل {يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} وَلَمْ تَزِدِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى الاِسْتِغْفَارِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الاِسْتِسْقَاءِ وَلَمْ يُصَل بِجَمَاعَةٍ، بَل صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا اسْتَسْقَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَال: لَقَدِ اسْتَسْقَيْتُ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي بِهَا يُسْتَنْزَل الْغَيْثُ (3) .
20 - وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْقَائِلُونَ بِنَدْبِ صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، أَوِ الْخُطْبَةِ الْوَاحِدَةِ، يُسَنُّ عِنْدَهُمْ الإِْكْثَارُ مِنْ الاِسْتِغْفَارِ فِي الْخُطْبَةِ، وَتُبَدَّل تَكْبِيرَاتُ الاِفْتِتَاحِ الَّتِي فِي خُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ بِالاِسْتِغْفَارِ فِي خُطْبَتَيْ الاِسْتِسْقَاءِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَصِيغَتُهُ كَمَا أَوْرَدَهَا النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ " أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ (4) ".
وَيُكَبَّرُ كَخُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (5) ، وَنَفَى
__________
(1) البدائع 1 / 283، والمغني مع الشرح 2 / 288
(2) سورة نوح / 5.
(3) ما روي عن عمر رضي الله عنه " أنه خرج إلى الاستسقاء ولم يصل بجماعة. . . " أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة بألفاظ مقاربة (مصنف عبد الرزاق بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي 3 / 87 ط المجلس العلمي 1390 هـ، ومصنف ابن أبي شيبة 2 / 274 نشر دار السلفية بالهند 1399 هـ) .
(4) جواهر الإكليل 1 / 103، 106، والقليوبي 1 / 316، والحطاب 2 / 207، والمجموع 5 / 83، والمغني مع الشرح 2 / 288.
(5) المغني مع الشرح 2 / 288.
الْحَنَفِيَّةُ التَّكْبِيرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلاِسْتِغْفَارِ فِي الْخُطْبَةِ (1) .

الاِسْتِغْفَارُ لِلأَْمْوَاتِ:
21 - الاِسْتِغْفَارُ عِبَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ يَصِحُّ فِعْلُهَا لِلْمَيِّتِ (2) . وَقَدْ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ الاِسْتِغْفَارُ لِلأَْمْوَاتِ، فَفِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَرَدَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ، لَكِنْ لاَ يُسْتَغْفَرُ لِصَبِيٍّ وَنَحْوِهِ (3) .
وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ يَذْكُرُهَا الْفُقَهَاءُ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ.
وَعَقِبَ الدَّفْنِ يُنْدَبُ أَنْ يَقِفَ جَمَاعَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمَيِّتِ، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ فِي سُؤَال مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَفَنَ الرَّجُل وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَال: اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثَبُّتَ فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَل (4) وَصَرَّحَ بِذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (5) .

22 - وَمِنْ آدَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ،
__________
(1) الطحطاوي على مراقي الفلاح 300.
(2) المغني لابن قدامة 2 / 568 ط الرياض.
(3) فتح القدير 1 / 459، والبحر الرائق 1 / 198 ط العلمية، وحاشية الصعيدي على الكفاية 1 / 334 ط الحلبي، والمجموع 5 / 144، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 372.
(4) حديث " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دفن الرجل. . . " أخرجه أبو داود والحاكم والبزار من حديث عثمان بن عفان. قال البزار: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، وسكت عنه المنذري. ووافق الذهبي الحاكم على تصحيحه (تلخيص الحبير 2 / 135 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة، وعون المعبود 3 / 209 ط الهند، والمستدرك 1 / 370 - 371 نشر دار الكتاب العربي) .
(5) ابن عابدين 1 / 601، والأنوار السنية 1 / 121 ط الحلبي، والمجموع 5 / 294، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 385، والشرح الصغير للدردير 1 / 568.

الصفحة 41