كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

أَوَّل الرَّكْعَةِ الأُْولَى.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ النَّوَافِل، وَفِي هَذَا النَّوْعِ اسْتِفْتَاحٌ آخَرُ يَقُولُهُ فِي أَوَّل الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ. قَالُوا: وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا. وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا، إلاَّ أَنَّهُ فِي الأَْصْل نَفْلٌ عَرَضَ لَهُ الاِفْتِرَاضُ. قَالُوا: يَسْتَفْتِحُ الْمَرَّةَ الأُْخْرَى، لأَِنَّ كُل اثْنَتَيْنِ مِنَ الأَْرْبَعِ صَلاَةٌ عَلَى حِدَةٍ، أَيْ مِنْ بَعْضِ الأَْوْجُهِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مَرْوِيَّةً عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَإِنَّمَا هِيَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَال: وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ: أَنَّهُ يَسْتَفْتِحُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ كَالنَّوْعِ الأَْوَّل (1) .

اسْتِفْتَاحُ الْقَارِئِ:
17 - الاِسْتِفْتَاحُ أَنْ يَطْلُبَ الْقَارِئُ بِقَوْلِهِ أَوْ حَالَةَ الْفَتْحِ إِذَا اُرْتُجَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَقْرَأُ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي قِرَاءَةٍ فَنَسِيَ مَا بَعْدَ الآْيَةِ الَّتِي يَقْرَؤُهَا، أَمْ أَرَادَ ابْتِدَاءَ الْقِرَاءَةِ فَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَقُول. وَالْفَتْحُ عَلَيْهِ أَنْ تُخْبِرَهُ بِمَا نَسِيَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلإِْمَامِ أَنْ يُلْجِئَ الْمَأْمُومَ إلَى الْفَتْحِ عَلَيْهِ. وَلِلإِْمَامِ بَدَل ذَلِكَ أَنْ يَرْكَعَ إِذَا قَرَأَ قَدْرَ الْفَرْضِ. وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ قَدْرَ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ. وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (إمَامَة) (وَفَتْحٌ عَلَى الإِْمَامِ) .

الاِسْتِفْتَاحُ (بِمَعْنَى الاِسْتِنْصَارِ) :
18 - يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْقِتَال أَنْ يَدْعُوَ الْمُسْلِمُونَ اللَّهَ
__________
(1) الدر المختار ورد المحتار 1 / 454، 455، وحاشية الطحطاوي على الدر.
تَعَالَى أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَنْصُرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذْكَارٌ مُعَيَّنَةٌ فِي وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةٍ ر: (دُعَاء) وَ (جِهَاد) .

الاِسْتِفْتَاحُ (بِمَعْنَى طَلَبِ الْعِلْمِ بِالْمَغِيبِ) :
19 - تَقَدَّمَ أَوَّل هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ اسْتِعْمَال هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى دَائِرٌ فِي كَلاَمِ الْعَوَّامِ. وَأَنَّهُ يَقِل فِي كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ.
وَفِي حُكْمِهِ قَوْلاَنِ لِلْفُقَهَاءِ فِي اسْتِفْتَاحِ الْفَأْل فِي الْمُصْحَفِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ حَرَامٌ. نُقِل عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْبُهُوتِيُّ عَنِ الشَّيْخِ (ابْنِ تَيْمِيَّةَ) . (1) وَصَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَالطُّرْطُوشِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، قَال الطُّرْطُوشِيُّ: لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الاِسْتِقْسَامِ بِالأَْزْلاَمِ، لأَِنَّ الْمُسْتَقْسِمَ يَطْلُبُ قَسْمَهُ مِنَ الْغَيْبِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ الْفَأْل مِنَ الْمُصْحَفِ أَوْ غَيْرِهِ إنَّمَا يَعْتَقِدُ هَذَا الْمَقْصِدَ إنْ خَرَجَ جَيِّدًا اتَّبَعَهُ، أَوْ رَدِيًّا اجْتَنَبَهُ، فَهُوَ عَيْنُ الاِسْتِقْسَامِ بِالأَْزْلاَمِ الَّذِي وَرَدَ الْقُرْآنُ بِتَحْرِيمِهِ فَيَحْرُمُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ.
الثَّالِثُ: الْجَوَازُ، وَنُقِل فِعْلُهُ عَنْ ابْنِ بَطَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ (2) .
__________
(1) قلت: وهو الأولى، لما في ذلك من اعتقاد معرفة الغيب.
(2) كشاف القناع ط الرياض 1 / 136، والفروق للقرافي 4 / 240.

الصفحة 56