كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

التَّفْسِيرَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ التَّفْصِيل، كَمَا فِي تَفْسِيرِ اللَّفْظِ بِمُرَادِفِهِ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 - حُكْمُهُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
الاِسْتِفْسَارُ مِنْ آدَابِ الْمُنَاظَرَةِ، فَإِذَا خَفِيَ عَلَى الْمُنَاظِرِ مَفْهُومُ كَلاَمِ الْمُسْتَدِل لإِِجْمَالٍ أَوْ غَرَابَةٍ فِي الاِسْتِعْمَال اسْتَفْسَرَهُ، وَعَلَى الْمُسْتَدِل بَيَانُ مُرَادِهِ عِنْدَ الاِسْتِفْسَارِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ هُنَاكَ لَبْسٌ وَلاَ إيهَامٌ، وَحَتَّى تَجْرِي الْمُنَاظَرَةُ عَلَى خَيْرِ الْوُجُوهِ.
مِثَال الإِْجْمَال: أَنْ يَقُول الْمُسْتَدِل: يَلْزَمُ الْمُطَلَّقَةَ أَنْ تَعْتَدَّ بِالأَْقْرَاءِ، فَيَطْلُبُ الْمُنَاظِرُ تَفْسِيرَ الْقُرْءِ، لأَِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الطُّهْرِ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْحَيْضِ.
وَمِثَال الْغَرَابَةِ قَوْلُهُ: لاَ يَحِل السِّيدُ (بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ) فَيَسْتَفْسِرُ الْمُنَاظِرُ مَعْنَاهُ، فَيُجِيبُهُ بِأَنَّهُ الذِّئْبُ.
هَذَا، وَيَعُدُّ الأُْصُولِيُّونَ الاِسْتِفْسَارَ مِنْ جُمْلَةِ الاِعْتِرَاضَاتِ بِمَعْنَى الْقَوَادِحِ، وَيُرَتِّبُونَهُ فِي أَوَّلِهَا، (1) وَمَوْطِنُ اسْتِيفَائِهِ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.

حُكْمُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
5 - عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ ذَوِي الْعَلاَقَةِ الأُْمُورَ الْغَامِضَةَ، لِيَكُونَ فِي حُكْمِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، كَاسْتِفْسَارِهِ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مُبْهَمٍ، وَاسْتِفْسَارِهِ الشَّاهِدَ السَّبَبَ، كَمَا إِذَا شَهِدَا أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ التَّفْصِيل.
6 - وَقَدْ لاَ يَجِبُ الاِسْتِفْسَارُ لاِعْتِبَارَاتٍ خَاصَّةٍ،
__________
(1) شرح جمع الجوامع للمحلي 2 / 330، وفواتح الرحموت المطبوع أسفل المستصفى 2 / 330.
كَاسْتِفْسَارِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يُسْتَفْسَرُ كَيْفِيَّةُ حُصُول الإِْكْرَاهِ، دَرْءًا لِلْحُدُودِ مَا أَمْكَنَ، خِلاَفًا لِلأَْذْرَعِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِل بِوُجُوبِ الاِسْتِفْسَارِ. (1)

مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
7 - بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ أَوْرَدُوا الْمَبَادِئَ الْمَنْطِقِيَّةَ، كَمُقَدِّمَةٍ لِعِلْمِ الأُْصُول، وَذَكَرُوا الاِسْتِفْسَارَ ضِمْنَهَا، وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهُ فِي مَبَاحِثِ الْقَوَادِحِ فِي الدَّلِيل.
كَمَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الإِْقْرَارِ، حِينَ الْكَلاَمِ عَلَى الإِْقْرَارِ بِمُبْهَمٍ، وَفِي بَحْثِ طَلاَقِ الْمُكْرَهِ مِنْ كِتَابِ الطَّلاَقِ، بِمُنَاسَبَةِ كَلاَمِهِمْ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ، هَل يُسْتَفْسَرُ؟ وَفِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، عِنْدَ الْكَلاَمِ عَلَى مَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ سَبَبِ الشَّهَادَةِ، وَفِي كِتَابِ الْقَضَاءِ كَذَلِكَ.

اسْتِفْصَال

التَّعْرِيفُ:
1 - يُسْتَفَادُ مِنْ سِيَاقِ عِبَارَاتِ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّ الاِسْتِفْصَال: طَلَبُ التَّفْصِيل. وَلَمْ تَرِدْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي الْمَعَاجِمِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا، وَهِيَ
__________
(1) القليوبي 3 / 333 ط عيسى الحلبي، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 335 ط التجارية.

الصفحة 58